مُلتقطات

“ضحية سرطان”.. مسكنها معطل 6 أشهر!

| د. جاسم المحاري

هذا‭ ‬الدّاء‭ ‬الذي‭ ‬عُرف‭ ‬بتاريخه‭ ‬“القاتم”‭ ‬في‭ ‬تعامله‭ ‬المُنهِك‭ ‬مع‭ ‬الأجساد‭ ‬الآدمية‭ ‬الضعيفة‭ ‬التي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تقع‭ ‬له‭ ‬فريسةً‭ ‬سهلة‭ ‬كي‭ ‬يُجبرها‭ ‬أن‭ ‬تخنع‭ ‬لبطشه‭ ‬وتستسلم‭ ‬لأذاه‭ ‬بعد‭ ‬تشعبه‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬هجومية‭ ‬وتوزّعه‭ ‬إلى‭ ‬فرق‭ ‬وفيرة‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬يُفعل‭ ‬جيوش‭ ‬خلاياه‭ ‬القاتلة‭ ‬داخل‭ ‬تلك‭ ‬الأجساد‭ ‬المهترئة‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬غريبة‭ ‬مُستهجنة،‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬تنقسم‭ ‬فيها‭ ‬دون‭ ‬إشارة‭ ‬أو‭ ‬رقابة‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬لمبتغاها‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬تُواجهه‭ ‬من‭ ‬أنسجة‭ ‬سليمة،‭ ‬وتعطيل‭ ‬ما‭ ‬تُقابله‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬عاملة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأجساد‭ ‬القابعة‭ ‬تحت‭ ‬نفوذه‭ ‬المُهلك‭ ‬بعد‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬بسط‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أنحائها‭ ‬دون‭ ‬محض‭ ‬إرادتها‭ ‬الحرة‭! ‬داء‭ ‬السرطان‭ ‬الذي‭ ‬يقبعُ‭ ‬ضحاياه‭ ‬“عُنوةً”‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬المعاناة‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المريرة‭ ‬وسط‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والإحباط‭ ‬عميقة‭ ‬الأثر؛‭ ‬يستوجب‭ ‬لهم‭ ‬دعماً‭ ‬نفسياً‭ ‬فاعلاً‭ ‬ومؤازرةً‭ ‬اجتماعية‭ ‬لازمةً‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬مُحيطهم‭ ‬الأهلي‭ ‬بجمعياته‭ ‬الخيرية‭ ‬المختلفة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬الخدمية‭ ‬المتنوعة‭ ‬خلال‭ ‬بروتوكولات‭ ‬العلاج‭ ‬“المُخَفّفْة”‭ ‬التي‭ ‬تُجنّبهم‭ ‬أحاسيس‭ ‬الهزيمة‭ ‬والانفعال‭ ‬والتوتر‭ ‬والعصبية،‭ ‬ونقلهم‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الإقلال‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬الانفعال‭ ‬عند‭ ‬المصاحبات‭ ‬النفسية‭ ‬المُوجعة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عبورهم‭ ‬“الحَرِج”‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المنعطفات‭ ‬بأمان‭ ‬وطمأنينة،‭ ‬وتهيئة‭ ‬عودتهم‭ ‬للحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬بثبات‭ ‬واستقرار‭ ‬بعد‭ ‬تكاتف‭ ‬المُحيط‭ ‬الأهلي‭ ‬ومساندة‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬أجوائهم‭ ‬المعاشية‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وتجنيبهم‭ ‬ردّات‭ ‬الفعل‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬يبتغون‭ ‬فيها‭ ‬حقّهم‭ ‬من‭ ‬الدّعم‭ ‬والعناية‭ ‬بعد‭ ‬صمت‭ ‬رهيب‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬كحال‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬انتظرت‭ ‬زهاء‭ (‬12‭) ‬عاماً‭ ‬لتحقيق‭ ‬حلمها‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬شقة‭ ‬إسكانية‭ ‬تؤويها‭ ‬بمعية‭ ‬ابنتها‭ ‬الوحيدة‭!‬

هذه‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬أذاقها‭ ‬الدّهر‭ ‬مُرّ‭ ‬العيشِ‭ ‬بعد‭ ‬طلاقها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وتنقلّها‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬14‭) ‬شقة‭ ‬إيجار‭ ‬وابتلائها‭ ‬بداء‭ ‬السرطان‭ ‬مؤخراً،‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬شقة‭ ‬صغيرة‭ ‬لا‭ ‬تقيها‭ ‬حرّ‭ ‬الصيف‭ ‬ولا‭ ‬برد‭ ‬الشتاء‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قولها‭ ‬–‭ ‬بل‭ ‬وعدم‭ ‬صلاحيتها‭ ‬للسكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي؛‭ ‬لعلّة‭ ‬حاجتها‭ ‬للصيانة‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬تقدّمت‭ ‬بشأنها‭ ‬لدى‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ (‬5‭) ‬بلاغات‭ ‬طارئة‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬طوال‭ (‬6‭) ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬استملاكها،‭ ‬حيث‭ ‬أشارت‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬تجمّع‭ ‬مياه‭ ‬الحمّامات‭ ‬التي‭ ‬تضررّت‭ ‬بسببها‭ ‬جدران‭ ‬وأبواب‭ ‬ونوافذ‭ ‬الشقة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬التسليكات‭ ‬الخارجية‭ ‬للأنابيب‭ ‬وتعطّل‭ ‬المصابيح‭ ‬الكهربائية‭! ‬وأضافت‭ ‬بحاجتها‭ ‬للتأثيث‭ ‬الذي‭ ‬توقف‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬امتنعت‭ ‬وزارة‭ ‬الاسكان‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬صرف‭ ‬علاوة‭ ‬السكن‭ ‬لها‭ ‬قرابة‭ (‬5‭) ‬أشهر‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي،‭ ‬وهي‭ ‬الفترة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬توقيعها‭ ‬عقد‭ ‬التّملك‭ ‬وبين‭ ‬استلامها‭ ‬مفتاح‭ ‬الشقة‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أفادتْ‭.‬

نافلة‭:‬

يبقى‭ ‬الإعمال‭ ‬الكامل‭ ‬للحقّ‭ ‬في‭ ‬السكن‭ ‬الملائم،‭ ‬محور‭ ‬أهداف‭ ‬البحرين‭ ‬الإنمائية‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030م‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬جميع‭ ‬المواطنين‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬سياساتها‭ ‬التنموية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وتُكرّس‭ ‬نصيبهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقّ‭ ‬الأصيل‭.‬