حماية الأماكن الدينية

| عبدعلي الغسرة

تبنت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بالإجماع‭ ‬قرارًا‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬“ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬والتسامح‭ ‬لحماية‭ ‬الأماكن‭ ‬الدينية”،‭ ‬والذي‭ ‬تقدمت‭ ‬به‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬ويدعو‭ ‬القرار‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬والسلام‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتنوع‭ ‬الأديان‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬المساجد‭ ‬والكنائس‭ ‬والمعابد‭ ‬لكل‭ ‬الأديان،‭ ‬والقرار‭ ‬يؤكد‭ ‬إدانة‭ ‬دولية‭ ‬لما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬الأماكن‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬اعتداء‭ ‬أو‭ ‬تدمير،‭ ‬ويتوافق‭ ‬مع‭ ‬حرية‭ ‬الدين‭ ‬والمعتقد‭ ‬وحماية‭ ‬دُورهما‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فبموجب‭ ‬المادة‭ (‬18‭) ‬من‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬“لكل‭ ‬إنسان‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬والوجدان‭ ‬والدين‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬حريته‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يدين‭ ‬بدين‭ ‬ما،‭ ‬وحريته‭ ‬في‭ ‬اعتناق‭ ‬أي‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬معتقد‭ ‬يختاره”‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬الصراعات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬وراح‭ ‬ضحيتها‭ ‬الآلاف،‭ ‬ومازال‭ ‬بعضها‭ ‬قائما،‭ ‬والإقرار‭ ‬ببعض‭ ‬المبادئ‭ ‬المشتركة‭ ‬الخاصة‭ ‬بحرية‭ ‬الأديان‭ ‬يخفف‭ ‬كثيرًا‭ ‬منها،‭ ‬فالتعبد‭ ‬بأي‭ ‬دين‭ ‬يُمثل‭ ‬حرية‭ ‬فردية‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬منعه،‭ ‬والسماح‭ ‬للمتعبد‭ ‬بإقامة‭ ‬شعائره،‭ ‬ويُمنع‭ ‬إكراه‭ ‬الإنسان‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬دينه‭ ‬أو‭ ‬إخضاعه‭ ‬لدينٍ‭ ‬آخر،‭ ‬وقد‭ ‬حثت‭ ‬العهود‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬التعبد‭ ‬وحماية‭ ‬الأماكن‭ ‬الدينية‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬أنظمة‭ ‬الدول‭ ‬وقوانينها‭ ‬وبما‭ ‬يُحقق‭ ‬السلامة‭ ‬العامة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مبدأ‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التعصب‭ ‬والتمييز‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الدين‭ ‬والمعتقد‭ ‬الذي‭ ‬دعت‭ ‬إليه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬1981م،‭ ‬ويكفل‭ ‬سيادة‭ ‬مناخ‭ ‬التسامح‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬ويحمي‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬والوجدان‭ ‬والدين‭.‬

وتتعرض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬الدينية‭ ‬لاعتداءات‭ ‬وانتهاكات،‭ ‬وتتعرض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬المسلمة‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لمضايقات‭ ‬بشأن‭ ‬ممارسة‭ ‬شعائرها‭ ‬الدينية‭.‬

إن‭ ‬حرية‭ ‬الدين‭ ‬والمعتقد‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬الدينية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يحق‭ ‬للإنسان‭ ‬ممارستها،‭ ‬ومن‭ ‬واجب‭ ‬الدول‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬أماكن‭ ‬العبادة‭ ‬بأنواعها،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬لها‭ ‬ولأفرادها،‭ ‬وتكفل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لأصحاب‭ ‬الديانات‭ ‬السماوية‭ ‬والأرضية‭ ‬ممارسة‭ ‬عباداتهم‭ ‬وشعائرهم‭ ‬بحرية‭ ‬تامة‭ ‬وفق‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬التسامح‭ ‬والأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المشتركة‭.‬