ما وراء الحقيقة

الديمقراطيون والحوثيون

| د. طارق آل شيخان الشمري

ألقى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مؤخرا‭ ‬ومن‭ ‬مقر‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركية،‭ ‬خطابا‭ ‬وصفه‭ ‬البعض‭ ‬بالتاريخي‭ ‬ووصفه‭ ‬آخرون‭ ‬بأنه‭ ‬يحدد‭ ‬بدقة‭ ‬ملامح‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬الأميركية،‭ ‬وتضمنت‭ ‬أغلب‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬مكافحة‭ ‬العنصرية‭ ‬ومنع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الانقسام‭ ‬والترحيب‭ ‬باللاجئين‭ ‬وحماية‭ ‬ومساندة‭ ‬الأقليات‭ ‬ومكافحة‭ ‬كورونا‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬المنتظرة‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬ومحاولة‭ ‬التوصل‭ ‬لحل‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فمحاولة‭ ‬التوصل‭ ‬لحل‭ ‬لليمن‭ ‬ودعم‭ ‬السعودية‭ ‬ودعم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وغيرها‭.‬

لكن‭ ‬بداية‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬السياسيين‭ ‬وقادة‭ ‬الأحزاب‭ ‬يفعلون‭ ‬ما‭ ‬يقولون،‭ ‬وهذا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العقيدة‭ ‬السياسية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أشد‭ ‬توضيح،‭ ‬ان‭ ‬الكذب‭ ‬وتضليل‭ ‬وخداع‭ ‬الآخرين‭ ‬والقول‭ ‬بتصريحات‭ ‬وبيانات‭ ‬تخالف‭ ‬الحقيقة‭ ‬والواقع‭ ‬لاحقا،‭ ‬شيء‭ ‬مطلوب‭ ‬ومن‭ ‬صلب‭ ‬العقيدة‭ ‬السياسية‭ ‬لكل‭ ‬الأحزاب،‭ ‬وبمعنى‭ ‬أشد‭ ‬وأوضح،‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬بدأ‭ ‬مخاطبته‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬وأعطى‭ ‬العرب‭ ‬الشمس‭ ‬بيد‭ ‬والقمر‭ ‬بيد‭ ‬أخرى،‭ ‬مبشرا‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬بعصر‭ ‬جديد،‭ ‬وصفق‭ ‬العرب‭ ‬له‭ ‬وتفاؤلوا‭ ‬بالخير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات،‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬خالف‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات،‭ ‬وبدأت‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬دشنها‭ ‬هو‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والعثمانيين‭ ‬وعصابة‭ ‬الإخوان،‭ ‬وهاهي‭ ‬نتائج‭ ‬تصريحات‭ ‬أوباما‭ ‬المبشرة‭ ‬بالخير‭ ‬نراها‭ ‬بتدمير‭ ‬واحتلال‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭.‬

لهذا‭ ‬فإن‭ ‬السذج‭ ‬هم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬سيصدقون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬بخطاب‭ ‬بايدن،‭ ‬والخلل‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬بايدن‭ ‬بل‭ ‬بمن‭ ‬يصدق‭ ‬تصريحات‭ ‬وتعهدات‭ ‬السياسيين،‭ ‬فمثلا‭.. ‬بايدن‭ ‬تعهد‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب‭ ‬باليمن،‭ ‬لكن‭ ‬حل‭ ‬الحرب‭ ‬واضح‭ ‬جدا،‭ ‬وهو‭ ‬الالتزام‭ ‬بقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬2216‭ ‬القاضي‭ ‬برفض‭ ‬الانقلاب‭ ‬الحوثي‭ ‬وعودة‭ ‬الشرعية‭ ‬وسحب‭ ‬الحوثي‭ ‬قواته‭ ‬من‭ ‬صنعاء،‭ ‬وما‭ ‬سيفعله‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬استخدام‭ ‬الحوثيين‭ ‬تارة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬للعودة‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬لرفع‭ ‬مسمى‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬عنها،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬عادت‭ ‬طهران‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬سيكافئها‭ ‬بايدن‭ ‬بتسويق‭ ‬الحوثي‭ ‬لتقاسم‭ ‬السلطة،‭ ‬ليبقى‭ ‬الحوثي‭ ‬خنجرا‭ ‬يهدد‭ ‬السعودية،‭ ‬نعرف‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬ونقوله‭ ‬الآن‭ ‬لأننا‭ ‬جاهزون‭ ‬ومستعدون‭ ‬له‭.‬