ماذا تأخذ مقابل ساقيك أو يديك أو سمعك؟
| أسامة الماجد
في إحدى الدول العربية وبينما كنت حاضرا مهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح سنويا، صادفت في طريقي وعلى أحد الأرصفة عامل نظافة كان عمره يناهز الـ 60 عاما تقريبا يأخذ وقتا للراحة، وكان يقرأ مصحفا في يده، توقفت عنده وانحنيت أمامه وسلمت عليه بحرارة وقلت له.. هل تحتاج أي شيء يا عم؟ اعتدل في جلسته قليلا وأجاب.. ألف شكر لك يا بني، كيف أحتاج وقد أعطاني الله تعالى نعمة البصر لكي أقرأ كتابه وأتدبر آيات، هل هناك أعظم من هذا الكنز؟!
أوجعني كلامه كثيرا وتذكرت كيف أن هناك بعض البشر وبالرغم من النعم التي أنعم الله تعالى بها عليهم مازالوا ينظرون إلى الجانب المظلم من الحياة ويتذمرون على أتفه الأسباب، وكل ظنونهم خاطئة، وهنا تستحضرني قصة عن الكاتب الرائع جوناثان سويفت مؤلف الرواية الخالدة “رحلات جلفر”، سردها دايل كارنيجي، حيث كان جوناثان من أشد المتشائمين في الأدب الإنجليزي، كان شديد الندم على ولادته، حتى أنه كان يرتدي ثيابا سوداء ويصوم في ذكرى ميلاده، ومع ذلك، وفي ذروة تشاؤمه، كان يمتدح فوائد الفرح والسعادة، وقد أعلن أن أفضل الأطباء في العالم هم الدكتور ريجيم والدكتور هدوء والدكتور مرح.
يمكننا الاستفادة من خدمات الدكتور مرح مجانا في كل ساعة من اليوم بتركيز انتباهنا على الثروات غير المعقولة التي نمتلكها، ثروات تفوق کنوز علي بابا.. هل تبيع عينيك مقابل مليار دولار؟ وماذا تأخذ مقابل ساقيك أو يديك أو سمعك أو أطفالك وعائلتك؟ اجمع كل هذه الثروات وستجد أنك لن تبيع ما تملك مقابل كل ثروات العالم، ولكن هل جميعنا نقدر ذلك؟
وهناك قصة أخرى، قيل لأحد الأشخاص ما أحسن درس تعلمته خلال بقائك 21 يوما في قارب نجاة مع رفاقك تائهين بيأس في المحيط الباسيفيكي، فقال إن أكبر درس تعلمته من تلك التجربة هو أنه يجب أن لا تتذمر إن كان لديك الماء والطعام الكافي.