العرب إلى الكوكب الأحمر

| عباس العمران

في‭ ‬القديم‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يحاول‭ ‬كشف‭ ‬البعيد،‭ ‬ويحاولُ‭ ‬الوصول‭ ‬إليه،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬البعيدُ‭ ‬فكراً‭ ‬أم‭ ‬مكاناً،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬المحاولات‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تجربة‭ ‬الطيران‭ ‬لعباس‭ ‬بن‭ ‬فرناس،‭ ‬فكانت‭ ‬فكرة‭ ‬في‭ ‬عقله‭: ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬طار‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الهواء؟‭ ‬ثم‭ ‬أخضع‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬للتجربة‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الفكر‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الآخر‭ ‬المختلف‭ ‬فكراً‭ ‬ولغةً‭ ‬أيضاً‭ ‬بعيدا،‭ ‬لذا‭ ‬حاولَ‭ ‬الإنسان‭ ‬تعلم‭ ‬اللغات‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬عقل‭ ‬الآخر،‭ ‬ونجحت‭ ‬المحاولة،‭ ‬واستطاع‭ ‬فهم‭ ‬نفسه‭ ‬والعالم‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة،‭ ‬وانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حياته‭.  ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬كان‭ ‬حُلماً‭ ‬للإنسان‭ ‬الحديث،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬الحلم‭ ‬مستحيلاً،‭ ‬فكانت‭ ‬البشرية‭ ‬تراقب‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المغامرون‭ ‬الذين‭ ‬عزموا‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نقاط‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إليها‭ ‬أقدام‭ ‬الإنسان،‭ ‬بينما‭ ‬نحنُ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البقعة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬نشاهد‭ ‬ما‭ ‬تبثهُ‭ ‬تلك‭ ‬القنوات‭ ‬من‭ ‬رحلات‭ ‬فضائية‭ ‬على‭ ‬مركباتٍ‭ ‬ضخمة‭ ‬لم‭ ‬نرها‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬الصورة‭.. ‬حجمها‭ ‬يصيبنا‭ ‬بالذهول‭! ‬تتحكمُ‭ ‬بها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬علمية‭ ‬متخصصة‭ ‬صُرفت‭ ‬عليها‭ ‬أموال‭ ‬طائلة‭ ‬وتُقضى‭ ‬فيها‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العمل‭. ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأعوام‭ ‬كانت‭ ‬ترسمُ‭ ‬الحلم‭ ‬لتجعلهُ‭ ‬حقيقة،‭ ‬والجميع‭ ‬شاهد‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬علماء‭ ‬فضاء‭ ‬كبار؛‭ ‬أمامهم‭ ‬مجسم‭ ‬لمركبة‭ ‬فضائية،‭ ‬وكانت‭ ‬الصورة‭ ‬باللونين‭ ‬الأسود‭ ‬والأبيض،‭ ‬كانت‭ ‬الصورة‭ ‬ناطقة‭ ‬بأن‭ ‬الإمارات‭ ‬قادمة‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬بكل‭ ‬عزيمة‭ ‬وإصرار،‭ ‬لا‭ ‬تلومونا‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬وفي‭ ‬حب‭ ‬قائد‭ ‬نهضتها‭ ‬الحديثة‭ ‬المباركة‭ ‬وصانعها؛‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬يجعلنا‭ ‬نشعرُ‭ ‬بالفخر‭ ‬بإنجازات‭ ‬العرب‭ ‬أمام‭ ‬الأمم‭ ‬المتقدمة‭. ‬

الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬الفرحة‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬خبر‭ ‬وصول‭ ‬مسبار‭ ‬الأمل‭ ‬إلى‭ ‬المريخ،‭ ‬لم‭ ‬تنسب‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬الإنجاز‭ ‬لها‭ ‬فقط؛‭ ‬بل‭ ‬قالت‭: ‬“وصلت‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر”،‭ ‬وهذا‭ ‬يدلُ‭ ‬على‭ ‬إيمانها‭ ‬العميق‭ ‬بأهمية‭ ‬النهوض‭ ‬بالأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬العظمى،‭ ‬لنرجع‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬سباقين‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬وفي‭ ‬الحضارة‭. ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬تتطلعُ‭ ‬إلى‭ ‬إنجازات‭ ‬أعظم‭ ‬وأكبر،‭ ‬مُعتمدة‭ ‬على‭ ‬طاقات‭ ‬شبابية‭ ‬وطنية‭ ‬مخلصة‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬ونساء،‭ ‬يضعون‭ ‬أمامهم‭ ‬تنفيذ‭ ‬رؤية‭ ‬قيادتها‭ ‬الرشيدة‭ ‬بروحٍ‭ ‬عالية‭ ‬وعزيمة‭ ‬لا‭ ‬تُهزم،‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬فخر‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭: ‬شكراً‭ ‬لكم‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬القلب،‭ ‬ودمتم‭ ‬عزاً‭.‬