ما وراء الحقيقة

ما بعد النووي الإيراني

| د. طارق آل شيخان الشمري

من‭ ‬أجل‭ ‬مصلحته‭ ‬بتقسيم‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬والتصدي‭ ‬لأي‭ ‬كيان‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬تحالف‭ ‬عربي،‭ ‬سعى‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الوحدة‭ ‬أو‭ ‬القوة‭ ‬العربية،‭ ‬سواء‭ ‬بطريق‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬والمتمثل‭ ‬بدعمه‭ ‬إيران‭ ‬للعبث‭ ‬بالأمة‭ ‬العربية‭ ‬واحتلالها‭ ‬أربع‭ ‬عواصم‭ ‬عربية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما‭ ‬وإيران،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬سمح‭ ‬لإيران‭ ‬بالبدء‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬وفق‭ ‬حد‭ ‬معين‭ ‬يضمن‭ ‬تفوقها‭.‬

لكن‭ ‬إيران‭ ‬حاولت‭ ‬التمادي‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬وزيادة‭ ‬نسبة‭ ‬تفوقها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الغرب‭ ‬بحياء‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬التمادي،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬نشب‭ ‬صراع‭ ‬اقتصادي‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬كعكة‭ ‬إيران،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدركته‭ ‬طهران‭ ‬وحاولت‭ ‬مساومة‭ ‬الطرف‭ ‬الأميركي‭ ‬والأوروبي،‭ ‬بإعطاء‭ ‬كعكة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬للطرف‭ ‬الذي‭ ‬يدعم‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬اتفق‭ ‬الأوروبيون‭ ‬وإدارة‭ ‬أوباما‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬وسط‭.. ‬اتفاق‭ ‬لذر‭ ‬الرماد‭ ‬بالعيون‭ ‬يسمح‭ ‬لاحقا‭ ‬لإيران‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬بزيادة‭ ‬قوة‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬مقابل‭ ‬تقاسم‭ ‬أوروبا‭ ‬وأميركا‭ ‬كعكة‭ ‬الاستثمارات‭.‬

وعندما‭ ‬جاء‭ ‬ترامب‭ ‬قلب‭ ‬الطاولة‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬الاتفاق‭ ‬الثلاثة‭ ‬وانسحب‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدفين‭: ‬تقليم‭ ‬أظافر‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬أولا،‭ ‬والاستحواذ‭ ‬على‭ ‬كعكة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬كاملة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إعطاء‭ ‬أوروبا‭ ‬أي‭ ‬نصيب‭ ‬ثانيا‭. ‬واستمر‭ ‬الوضع‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬بايدن،‭ ‬وهنا‭ ‬تخوف‭ ‬الطرفان‭ ‬“الأميركي‭ ‬والأوروبي”‭ ‬من‭ ‬بعضهما،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬أن‭ ‬يستحوذ‭ ‬غريمه‭ ‬على‭ ‬الكعكة‭ ‬كاملة،‭ ‬فأي‭ ‬طرف‭ ‬سيحاول‭ ‬إرضاء‭ ‬إيران‭ ‬سيقوم‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬بالتشدد‭ ‬والوقوف‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬سيحاول‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬إيران،‭ ‬سيكون‭ ‬وضعه‭ ‬مفضوحا‭ ‬وسيجعل‭ ‬إيران‭ ‬منتصرة‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬وواشنطن‭. ‬لهذا،‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬والأوروبيين‭ ‬سيحاولون‭ ‬إيجاد‭ ‬صيغة‭ ‬توافقية‭ ‬تتضمن‭ ‬التالي‭: ‬تفوق‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬العرب،‭ ‬استمرار‭ ‬عبث‭ ‬إيران‭ ‬بالعواصم‭ ‬العربية،‭ ‬الاستحواذ‭ ‬مناصفة‭ ‬على‭ ‬كعكة‭ ‬الاستثمارات‭.‬