مُلتقطات

يتيمةُ الأبوين... بلا سكن 20 عاماً

| د. جاسم المحاري

تُدلل‭ ‬جميع‭ ‬السُنن‭ ‬السماوية‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬–‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الشِرعة‭ ‬السمحاء‭ - ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬مُراعاة‭ ‬مشاعر‭ ‬اليتيم‭ ‬وبالغ‭ ‬مُلاطفته،‭ ‬بل‭ ‬والعناية‭ ‬الفائقة‭ ‬التي‭ ‬تحفظ‭ ‬ماله‭ ‬من‭ ‬الضياع‭ ‬ومُناكفة‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬عليه‭ ‬بالسوء،‭ ‬بِما‭ ‬يُحقّق‭ ‬له‭ ‬المصلحة‭ ‬ولأهله‭ ‬الخير‭ ‬حتى‭ ‬بلوغه‭ ‬مراتب‭ ‬الرُّشد‭ ‬المنطبقة،‭ ‬التي‭ ‬تتجلى‭ ‬مظاهرها‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬حقّه‭ ‬المعلوم‭ ‬وما‭ ‬يستوجب‭ ‬بالتراتب‭ ‬على‭ ‬العباد‭ ‬تِجاهه‭ ‬دون‭ ‬إهمال‭ ‬أو‭ ‬تقصير،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعٍ‭ ‬قويٍّ‭ ‬تسوده‭ ‬أسمى‭ ‬السجايا‭ ‬وأبلغ‭ ‬النعوت‭ ‬التي‭ ‬يتبوأ‭ ‬فيها‭ ‬–‭ ‬اليتيم‭ - ‬مكانة‭ ‬القلب‭ ‬النابض‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬المجتمع‭ ‬اليافع،‭ ‬لما‭ ‬يُمثله‭ ‬من‭ ‬منبعٍ‭ ‬يفيضُ‭ ‬بالحسنات‭ ‬الوافرة،‭ ‬ومَعينٍ‭ ‬يغصّ‭ ‬بالأجور‭ ‬الجزيلة‭ ‬التي‭ ‬تأتلف‭ ‬متجامعة‭ ‬على‭ ‬سَوْقِ‭ ‬الأفراح‭ ‬والمسرات،‭ ‬وتجول‭ ‬في‭ ‬مُرُوج‭ ‬العطاء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يُحفظ‭ ‬حقّه‭ - ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذكراً‭ ‬أو‭ ‬أنثى‭ - ‬من‭ ‬الضياع‭ ‬وسط‭ ‬تقلبّات‭ ‬الحياة‭ ‬ومتغيرات‭ ‬أهوالها‭.‬

لذلك‭ ‬تأتي‭ ‬إشارة‭ ‬سيد‭ ‬الخلق‭ (‬ص‭) ‬في‭ ‬حقّ‭ ‬المُحسن‭ ‬لليتيم‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬الجليل‭: ‬“أنا‭ ‬وكافِلُ‭ ‬اليَتِيمِ‭ ‬في‭ ‬الجَنَّةِ‭..‬”؛‭ ‬تأكيداً‭ ‬على‭ ‬الفضل‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬مَنْ‭ ‬يحفظ‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الحقّ‭ ‬دون‭ ‬تقصير‭ ‬أو‭ ‬نقصان‭ ‬أو‭ ‬تبديل‭ ‬أو‭ ‬خسران،‭ ‬وكذا‭ ‬تشجيعاً‭ ‬على‭ ‬تعويضه‭ ‬بالقدر‭ ‬الكافي‭ ‬عمّا‭ ‬فقده‭ ‬جرّاء‭ ‬قسوة‭ ‬حين‭ ‬يعتاز‭ ‬مُلحّاً‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬من‭ ‬شؤونه‭ ‬الحياتية‭ ‬الرئيسة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬فيها‭ ‬مَالاً‭ ‬يُغنيه‭ ‬أو‭ ‬غَرَضَاً‭ ‬يسدّ‭ ‬حاجته،‭ ‬سيّما‭ ‬مبتغاه‭ ‬الحقّ‭ ‬في‭ ‬المسكن‭ ‬اللائق،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ (‬مثالاً‭ ‬لا‭ ‬حصراً‭) ‬على‭ ‬حالة‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬معاناتها‭ ‬المستمرة‭ ‬للمعنيين‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000م،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬ذاقت‭ ‬فيها‭ ‬مرارة‭ ‬اليُتم‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬حقّها‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬مسكنها‭ ‬الصغير‭ ‬المتهالك‭ (‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬مكبّاً‭ ‬للنفايات‭ ‬ومرتعاً‭ ‬للضّال‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭!) ‬الذي‭ ‬ورثته‭ ‬عن‭ ‬ذويها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬الجدوى‭ ‬لمحاولاتها‭ ‬المتكررة‭ ‬في‭ ‬مخاطبة‭ ‬جهات‭ ‬الاختصاص‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدتها‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬دون‭ ‬حراك؛‭ ‬حتى‭ ‬أبقاها‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬بين‭ ‬مطرقة‭ ‬الإيجارات‭ ‬وسندان‭ ‬البطالة‭.‬

نافلة‭:‬

من‭ ‬العوامل‭ ‬المُحفزة،‭ ‬دَفْعُ‭ ‬“المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة”‭ ‬باتجاه‭ ‬صدور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بحقّ‭ ‬المواطنات‭ ‬البحرينيات‭ ‬في‭ ‬السكن‭ ‬اللائق‭ ‬الذي‭ ‬ضمنه‭ ‬لهنَ‭ ‬الدستور‭ ‬وساهمت‭ ‬فيه‭ ‬الحكومة‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬والتسهيلات‭ ‬الإسكانية‭ ‬لشريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬منهنَ‭ ‬منذ‭ ‬صدور‭ ‬قانون‭ ‬الإسكان‭ ‬عام‭ ‬1976م،‭ ‬حيث‭ ‬نلنَ‭ ‬نصيب‭ ‬الانتفاع‭ ‬بالخدمات‭ ‬الإسكانية‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬المزايا‭ ‬والمكتسبات،‭ ‬ومنها‭ ‬تدشين‭ ‬مشروع‭ ‬“مساكن”‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬تمكين‭ ‬مَنْ‭ ‬لا‭ ‬تنطبق‭ ‬عليهنَ‭ ‬شروط‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الإسكانية‭ ‬كالمطلقة‭ ‬والأرملة‭ ‬والمهجورة‭ ‬والعزباء‭ ‬يتيمة‭ ‬الأبوين‭ ‬بموجب‭ ‬القرار‭ ‬الوزاري‭ ‬رقم‭ ‬909‭ ‬لسنة‭ ‬2015م‭.‬