ليس بحاجة إلى إصلاح أو تجديد

| عبدالنبي الشعلة

في‭ ‬حومة‭ ‬الارتباك‭ ‬والفوضى‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تعصف‭ ‬بالعالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬انغلاق‭ ‬الأفق‭ ‬المعرفي،‭ ‬والتقهقر‭ ‬والتأزم‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬فتئ‭ ‬يلقي‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬النهوض‭ ‬الحضاري‭ ‬المنشود،‭ ‬أخذت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬الإسلامية‭ ‬تلقي‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وترتفع‭ ‬مطالبة‭ ‬بإجراء‭ ‬مراجعة‭ ‬وإصلاح‭ ‬وتجديد‭ ‬للمنظومة‭ ‬العقائدية‭ ‬وللخطاب‭ ‬الديني‭ ‬الإسلامي‭.‬

إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يرفعون‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬إنما‭ ‬يسعون‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬وتطويع‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬منبر‭ ‬أو‭ ‬سلم‭ ‬للتسلق‭ ‬والصعود‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬عروش‭ ‬الحكم‭ ‬وكراسي‭ ‬السلطة،‭ ‬فهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬ولغيرهم‭ ‬من‭ ‬المتأسلمين‭ ‬السياسيين‭ ‬والسياسيين‭ ‬المتأسلمين‭ ‬أصبحت‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬“كلمة‭ ‬حق‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬باطل”‭.‬

والإصلاح‭ ‬لغة‭ ‬هو‭ ‬تنقية‭ ‬الشيء‭ ‬من‭ ‬الشوائب‭ ‬والفساد،‭ ‬وتغيير‭ ‬الأحوال‭ ‬من‭ ‬السيئ‭ ‬إلى‭ ‬الأحسن،‭ ‬ومن‭ ‬الاعوجاج‭ ‬والمخالفة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقامة‭ ‬والالتزام؛‭ ‬والإسلام‭ ‬كمضمون‭ ‬وعقيدة‭ ‬لا‭ ‬يخالجه‭ ‬أو‭ ‬يعتريه‭ ‬فساد،‭ ‬ولا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬أو‭ ‬اعوجاج‭ ‬أو‭ ‬عوار‭ ‬أو‭ ‬نقص‭ ‬أو‭ ‬قصور؛‭ ‬فقد‭ ‬حسم‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬عندما‭ ‬قال‭: ‬“اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬لكم‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا”‭.‬

وعليه‭ ‬فليس‭ ‬ثمة‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬اسمه‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتجديد،‭ ‬فقواعد‭ ‬الحرية‭ ‬والمساواة‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬راسخة‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬العقيدة‭ ‬الإسلامية؛‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬قاعدة‭ ‬“لا‭ ‬إكراه‭ ‬في‭ ‬الدين”‭ ‬و‭ ‬”فمن‭ ‬شاء‭ ‬فليؤمن‭ ‬ومن‭ ‬شاء‭ ‬فليكفر”‭. ‬وضمن‭ ‬وظائفه‭ ‬الحقيقية‭ ‬فإن‭ ‬الإسلام‭ ‬لا‭ ‬يعاني،‭ ‬مثل‭ ‬غيره،‭ ‬من‭ ‬الجمود‭ ‬والتصلب‭ ‬والتحجر،‭ ‬والعقيدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬وتلبية‭ ‬مصالح‭ ‬واحتياجات‭ ‬المسلمين‭ ‬الروحية‭ ‬والإيمانية‭ ‬والعقائدية،‭ ‬ومنظومة‭ ‬القيم‭ ‬والتشريعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬وافية‭ ‬ومتكاملة‭ ‬ومتمكنة‭ ‬من‭ ‬الاستجابة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬العصر،‭ ‬وهي‭ ‬تملك‭ ‬القواعد‭ ‬والأدوات‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬تجعلها‭ ‬جديرة‭ ‬بصوغ‭ ‬رؤى‭ ‬فقهية‭ ‬مواكبة‭ ‬لروح‭ ‬ومسار‭ ‬العصر‭.‬

إن‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي‭ ‬يتكون،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف،‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأحكام‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬أحكاما‭ ‬قطعية‭ ‬الثبوت‭ ‬والدلالة،‭ ‬وهي‭ ‬محصنة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تغييرها‭ ‬أو‭ ‬تجديدها،‭ ‬أما‭ ‬باقي‭ ‬الأحكام‭ ‬فإن‭ ‬أمام‭ ‬الفقهاء‭ ‬أبوابا‭ ‬مفتوحة‭ ‬ومساحات‭ ‬وفسحا‭ ‬واسعة‭ ‬للتكييف‭ ‬ومراعاة‭ ‬ظروف‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان،‭ ‬ولهذا‭ ‬الغرض‭ ‬فإن‭ ‬الإسلام‭ ‬غني‭ ‬وزاخر‭ ‬بالقواعد‭ ‬والمبادئ‭ ‬والأدوات‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬للفقيه‭ ‬استنهاضها‭ ‬لتكييف‭ ‬وتطويع‭ ‬النص‭ ‬عند‭ ‬الحاجة؛‭ ‬بحيت‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬مقتضيات‭ ‬العصر،‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬راسخة‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬“لا‭ ‬يُنكَرُ‭ ‬تغيُّرُ‭ ‬الأحكام‭ ‬بتغيُّر‭ ‬الزمان”‭.‬

وبهذا‭ ‬الشأن‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف،‭ ‬البالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬والدلالة،‭ ‬الذي‭ ‬روته‭ ‬أم‭ ‬المؤمنين‭ ‬السيدة‭ ‬عائشة‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭) ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬لها‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ (‬عليه‭ ‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭): ‬“يا‭ ‬عائشة،‭ ‬لولا‭ ‬أن‭ ‬قومك‭ ‬حديثو‭ ‬عهد‭ ‬بشرك،‭ ‬لهدمت‭ ‬الكعبة،‭ ‬فألزقتها‭ ‬بالأرض،‭ ‬وجعلت‭ ‬لها‭ ‬بابين‭: ‬بابًا‭ ‬شرقيًا،‭ ‬وبابًا‭ ‬غربيًا‭...‬”‭.‬

إن‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التفكيك‭ ‬والإصلاح‭ ‬ليس‭ ‬الإسلام‭ ‬أو‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬الإسلامي؛‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عنوان‭ ‬جديد،‭ ‬وإلى‭ ‬إعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬وهيكلة‭ ‬وتموضع،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تمكينها‭ ‬من‭ ‬تأدية‭ ‬أدوارها‭ ‬ووظائفها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وحماية‭ ‬وصون‭ ‬مكانتها‭ ‬الروحية،‭ ‬وضمان‭ ‬ابتعادها‭ ‬وتخليها‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬والتوغل‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬السياسي‭ ‬والشأن‭ ‬العام‭ ‬للمسلمين،‭ ‬والتضخيم‭ ‬المفرط‭ ‬لموقعها‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬بحيث‭ ‬تبقى‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المرجعيات‭ ‬الوطنية؛‭ ‬وهي‭ ‬المرجعية‭ ‬العليا‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التأطير‭ ‬الديني‭ ‬لممارساتهم‭ ‬و‭ ‬لقيمهم‭ ‬الإنسانية‭.‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬المسيحية،‭ ‬فإن‭ ‬المجتمعات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬قد‭ ‬تجاوزت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الإداري‭ ‬والسياسي‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬فهذا‭ ‬الدور‭ ‬أصبح‭ ‬منوطًا‭ ‬بمنظومة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المدنية‭ ‬والدستورية‭ ‬الوطنية‭ ‬الجامعة،‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬بآلية‭ ‬من‭ ‬مفاهيم‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬ومن‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬المشتركة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬التعايش‭ ‬والتعاون‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭.‬    

و‭ ‬”الإصلاح”‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الخطاب‭ ‬الإسلامي‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬مستعار‭ ‬ومستنسخ‭ ‬ومترجم‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬Reformation‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تداولها‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإصلاح‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬وليس‭ ‬لإصلاح‭ ‬الدين‭ ‬المسيحي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انزلقت‭ ‬الكنيسة‭ ‬إلى‭ ‬هاوية‭ ‬الفساد،‭ ‬وتمادت‭ ‬في‭ ‬سطوتها‭ ‬وسيطرتها‭ ‬وتسلطها،‭ ‬وتدخلت‭ ‬في‭ ‬تعيين‭ ‬وتنصيب‭ ‬الملوك،‭ ‬فخرج‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬عباءتها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬البارزين‭ ‬طالبوا‭ ‬بإصلاحها،‭ ‬واتهموا‭ ‬بالكفر‭ ‬والهرطقة‭ ‬وأعدم‭ ‬الكثيرون‭ ‬منهم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاء‭ ‬المصلح‭ ‬مارتن‭ ‬لوثر‭ ‬الذي‭ ‬صب‭ ‬انتقاده‭ ‬على‭ ‬ممارسات‭ ‬الكنيسة،‭ ‬ووجه‭ ‬ضربة‭ ‬قاصمة‭ ‬لتعسفها‭ ‬وطغيانها‭ ‬ومتاجرتها‭ ‬بالدين،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انقسامها‭ ‬إلى‭ ‬نصف‭ ‬كاثوليكي‭ ‬وآخر‭ ‬بروتستانتي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كبار‭ ‬المفكرين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬لم‭ ‬يركزوا‭ ‬على‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬الدين‭ ‬المسيحي،‭ ‬بل‭ ‬شددوا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إصلاح‭ ‬الكنيسة‭ ‬وإزاحتها‭ ‬عن‭ ‬موقع‭ ‬التحكم‭ ‬والتسلط‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولم‭ ‬تنجح‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات،‭ ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬أوروبا‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬التخلف‭ ‬وعصر‭ ‬الظلمات‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التقدم‭ ‬وعصر‭ ‬التنوير‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إقصاء‭ ‬وإزاحة‭ ‬الكنيسة‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬عندها‭ ‬فقط‭ ‬استطاعت‭ ‬أوروبا‭ ‬الانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬آفاق‭ ‬العلم‭ ‬والنهضة‭ ‬الحضارية‭ ‬والصناعية‭ ‬والعمرانية‭.‬

وعلى‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬الإسلامية‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقعت‭ ‬فيه‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬مكانتها‭ ‬وهيبتها‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأوروبية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وبين‭ ‬معشر‭ ‬المسيحيين‭ ‬عمومًا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبحنا‭ ‬اليوم‭ ‬نرى‭ ‬نتائج‭ ‬سلوكها‭ ‬وممارساتها‭ ‬في‭ ‬ابتعاد‭ ‬أتباعها،‭ ‬بفرعيهم‭ ‬الكاثوليكي‭ ‬والبروتستانتي،‭ ‬وانفضاض‭ ‬المؤمنين‭ ‬المسيحيون‭ ‬عن‭ ‬الكنائس‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والعالم‭ ‬الغربي،‭ ‬بحيث‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬الآن‭ ‬سوى‭ ‬2‭ %‬؜‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬يرتادون‭ ‬الكنائس،‭ ‬وبالنتيجة‭ ‬فإن‭ ‬آلاف‭ ‬الكنائس‭ ‬اضطرت‭ ‬إلى‭ ‬الإغلاق‭ ‬وبمعدل‭ ‬250‭ ‬كنيسة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين،‭ ‬تحول‭ ‬أكثرها‭ ‬إلى‭ ‬مطاعم‭ ‬وحانات‭ ‬ومراكز‭ ‬عبادة‭ ‬لأديان‭ ‬أخرى‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ففي‭ ‬تقرير‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬أكدت‭ ‬مجموعة‭ ‬“كريستيان‭ ‬ريسيرج”‭ ‬المهتمة‭ ‬بشؤون‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬إنّ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬كنيسة‭ ‬أغلقت‭ ‬أبوابها‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وحدها‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1960،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬الكنائس‭ ‬التي‭ ‬ستغلق‭ ‬أبوابها‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬آلاف‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬العام‭ ‬2020؛‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬بالفعل‭.‬

وليس‭ ‬المقصود‭ ‬هنا‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬الإسلامية‭ ‬بنية‭ ‬أو‭ ‬بحجة‭ ‬إصلاحها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأفضل‭ ‬هو‭ ‬ترك‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬القائمين‭ ‬عليها،‭ ‬فهم‭ ‬أدرى‭ ‬وأقدر‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬وعليهم‭ ‬تقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬حمايتها‭ ‬من‭ ‬مزايدات‭ ‬وأطماع‭ ‬المتأسلمين‭ ‬السياسيين‭ ‬والسياسيين‭ ‬المتأسلمين‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬جسر‭ ‬للإيمان‭ ‬والصفاء‭ ‬والمحبة‭ ‬والنقاء‭ ‬إلى‭ ‬معبر‭ ‬أو‭ ‬نفق‭ ‬يتسللون‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬وإلى‭ ‬التسلط‭ ‬والسيطرة؛‭ ‬متناسين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬قد‭ ‬نهى‭ ‬حتى‭ ‬نبيه‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭ ‬قائلًا‭ ‬“إنما‭ ‬أنت‭ ‬مذكر،‭ ‬لست‭ ‬عليهم‭ ‬بمسيطر”،‭ ‬صدق‭ ‬الله‭ ‬العظيم‭.‬