التحفيز والاحتراز وما بينهما

| د. عبدالله الحواج

لا‭ ‬أحد‭ ‬يشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬بكورونا‭ ‬قد‭ ‬تفاقمت‭ ‬لحدود‭ ‬غير‭ ‬متوقعة،‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تقوم‭ ‬بأكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬واجبات،‭ ‬وبأشمل‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمنحه‭ ‬حكومة‭ ‬لمواطنيها،‭ ‬اهتمام،‭ ‬توافر‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬اللقاحات،‭ ‬الفحص‭ ‬الاستباقي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬تطأ‭ ‬قدماه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المملكة،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بالمجان،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬بمتابعة‭ ‬حثيثة‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬ومن‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭ ‬برئاسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭.‬

مؤخرًا‭ ‬بدأ‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حزمة‭ ‬تحفيزية‭ ‬جديدة،‭ ‬ومؤخرًا‭ ‬بدأت‭ ‬القطاعات‭ ‬المتأثرة‭ ‬بتفشي‭ ‬مسارات‭ ‬الجائحة‭ ‬في‭ ‬الأنين‭ ‬والشكوى،‭ ‬وبدأت‭ ‬منظومة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬بالتحرك‭ ‬سريعًا‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الأجهزة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬وبدورها‭ ‬بدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الاحتراز‭ ‬أكثر،‭ ‬وفي‭ ‬التشديد‭ ‬أكثر،‭ ‬وفي‭ ‬خطوات‭ ‬متسارعة‭ ‬نحو‭ ‬الغلق‭ ‬المبرمج‭ ‬أكثر‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬المطروح،‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬على‭ ‬هديها‭ ‬سائرون،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬وفقًا‭ ‬لها‭ ‬نعيش‭ ‬معدلات‭ ‬إصابات‭ ‬معقولة‭ ‬رغم‭ ‬تفاقمها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬

رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬وصلت‭ ‬الأعداد‭ ‬المصابة‭ ‬لدينا‭ ‬ولامست‭ ‬سقف‭ ‬الـ700‭ ‬إصابة‭ ‬يوميًا‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬المرعب‭ ‬بقليل،‭ ‬هذا‭ ‬ينبئ‭ ‬بأن‭ ‬شيئًا‭ ‬“ما”‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬التفشي‭ ‬أكثر،‭ ‬وأن‭ ‬شيئًا‭ ‬“ما”‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬سد‭ ‬المناعة‭ ‬الاحترازية‭ ‬ربما‭ ‬لأسباب‭ ‬تحتاج‭ ‬لإعادة‭ ‬البحث‭ ‬والتنقيب،‭ ‬لكن‭ ‬الأكيد‭ ‬أن‭ ‬شيئًا‭ ‬“ما”‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬اقتحام‭ ‬المعادلة،‭ ‬وأن‭ ‬شيئًا‭ ‬“ما”‭ ‬قد‭ ‬تمادى‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬توقعاتنا‭ ‬له‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬هنا‭ ‬بدأت‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬التحرك،‭ ‬وبدأ‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬انفتاح‭ ‬له‭ ‬ملامح‭ ‬الإغلاق‭ ‬يأخذ‭ ‬أبعاده‭ ‬نحو‭ ‬التطبيق‭ ‬السريع،‭ ‬وأن‭ ‬آثارًا‭ ‬سلبية‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬سوف‭ ‬تطل‭ ‬بأعناقها‭ ‬الطويل‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬“التنسيق”،‭ ‬وعلى‭ ‬مفردات‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثرًا‭ ‬بالواقع‭ ‬الجديد‭.‬

اللقاحات‭ ‬تمضي‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬مرسوم‭ ‬لها‭ ‬بكل‭ ‬عناية‭ ‬فائقة،‭ ‬وتوفر‭ ‬لكل‭ ‬كائن‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الوطن،‭ ‬مواطن‭ ‬أو‭ ‬مقيم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عابر‭ ‬سبيل،‭ ‬والفحوصات‭ ‬بدأت‭ ‬تأخذ‭ ‬منحى‭ ‬جديدًا‭ ‬وأصبحت‭ ‬متوافرة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الصيدليات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬والعيادات‭ ‬الطبية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬“مركز‭ ‬المعارض”،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أرقامنا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الجائحة‭ ‬صحيحة‭ ‬100‭ %‬،‭ ‬وأن‭ ‬تعاطينا‭ ‬الاستباقي‭ ‬مع‭ ‬آثارها‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬اقتصادية‭ ‬أو‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬قد‭ ‬أفرز‭ ‬وعيًا‭ ‬جديدًا‭ ‬للمواطن‭ ‬والمقيم،‭ ‬وأن‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬رخاوة‭ ‬أو‭ ‬صلابة‭ ‬مقصده‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬واقع‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التعاطي‭ ‬معه‭ ‬بروح‭ ‬إنسانية‭ ‬مفعمة‭ ‬بالإيمان‭ ‬بحقيقة‭ ‬الحياة،‭ ‬وبأفق‭ ‬توعوي‭ ‬أكثر‭ ‬نضجًا‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬كنا‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬الآن‭.‬

‭ ‬ليست‭ ‬نصائح‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬ولا‭ ‬وصايا‭ ‬عشر‭ ‬نطرحها‭ ‬تيمنًا‭ ‬أو‭ ‬تشدقا‭ ‬بأمثلة‭ ‬تحتذى‭ ‬وحسب،‭ ‬لكنه‭ ‬الواقع‭ ‬المتطور،‭ ‬والتداعيات‭ ‬المخلقة‭ ‬الجديدة،‭ ‬والتحور‭ ‬الفيروسي‭ ‬اللعين،‭ ‬أسرع‭ ‬مما‭ ‬كان،‭ ‬وأكثر‭ ‬شراسة‭ ‬مما‭ ‬اعتدنا‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬نحن‭ ‬نستطيع،‭ ‬نحن‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬المواجهة،‭ ‬مؤمنون‭ ‬بأن‭ ‬بلادنا‭ ‬على‭ ‬“قدر‭ ‬أهل‭ ‬العزم‭ ‬تأتي‭ ‬العزائم”،‭ ‬وأن‭ ‬شعبنا‭ ‬خلف‭ ‬قيادتنا‭ ‬الحكيمة‭ ‬صفًا‭ ‬واحدًا‭ ‬لمقاومة‭ ‬“الغامض‭ ‬الجديد”،‭ ‬وأن‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬بأكملها‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬العظيم‭ ‬لتقول‭ ‬للجائحة‭ ‬وبالفم‭ ‬الملآن‭: ‬نحن‭ ‬نستحق‭ ‬الحياة‭.‬