من جديد

في أمر الأسرة

| د. سمر الأبيوكي

هالتني‭ ‬كثيرا‭ ‬كمية‭ ‬الألم‭ ‬والخوف‭ ‬والتعب‭ ‬في‭ ‬المقابلة‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬الإعلامية‭ ‬رابعة‭ ‬الزيات‭ ‬مع‭ ‬مصفف‭ ‬الشعر‭ ‬والمغني‭ ‬جو‭ ‬رعد،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬رابعة‭ ‬أن‭ ‬تبحر‭ ‬في‭ ‬طفولة‭ ‬ضيفها‭ ‬ويالها‭ ‬من‭ ‬طفولة‭ ‬صعبة‭ ‬أو‭ ‬لو‭ ‬أمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليها‭ ‬طفولة‭ ‬بائسة،‭ ‬فمن‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬الأم‭ ‬والأب‭ ‬و3‭ ‬أطفال‭ ‬كانت‭ ‬حياة‭ ‬رعد‭ ‬مستقرة‭ ‬كباقي‭ ‬أقرانه،‭ ‬لكن‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ ‬قلبت‭ ‬حياته‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصر‭ ‬أهل‭ ‬الأم‭ ‬على‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بابنتهم‭ ‬وإرسال‭ ‬الابنين‭ ‬لأهل‭ ‬الأب‭ ‬لتحمل‭ ‬مسؤوليتهما،‭ ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬يتحمل‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬طرفي‭ ‬العائلة‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأبناء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إرسالهم‭ ‬إلى‭ ‬ميتم‭ ‬لتربيتهم‭.‬

بكى‭ ‬رعد‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬بوداعه‭ ‬الأخير‭ ‬لأمه‭ ‬وهو‭ ‬متجه‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬الأيتام‭ ‬شعر‭ ‬أن‭ ‬روحه‭ ‬تخرج‭ ‬منه‭ ‬كلما‭ ‬ابتعدت‭ ‬السيارة‭ ‬عنها،‭ ‬المقابلة‭ ‬كانت‭ ‬حزينة‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬لقد‭ ‬كتبت‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أطفال‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬حياة‭ ‬مشتتة‭ ‬بسبب‭ ‬وفاة‭ ‬الأب‭ ‬وعدم‭ ‬تحمل‭ ‬أحد‭ ‬آخر‭ ‬مسؤولية‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأيتام،‭ ‬وتحدث‭ ‬“الضيف‭ ‬الطفل”‭ ‬كما‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإعلام‭ ‬عند‭ ‬التبحر‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬الخاص‭ ‬بشخصية‭ ‬الضيف‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬كثيرة‭ ‬تعرض‭ ‬لها،‭ ‬منها‭ ‬التحرش‭ ‬الجنسي،‭ ‬ولفت‭ ‬انتباهي‭ ‬مدى‭ ‬رباطة‭ ‬جأش‭ ‬الضيف‭ ‬وصراحته‭ ‬في‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬وجهت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المذيعة‭ ‬التي‭ ‬بدورها‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تبحر‭ ‬بذكاء‭ ‬وتضرب‭ ‬على‭ ‬الأوتار‭ ‬الحساسة‭ ‬لذكريات‭ ‬عاشها‭ ‬ضيف‭ ‬الاستوديو‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬حياته‭.‬

ومضة‭:‬

رعد‭ ‬عاش‭ ‬طفولة‭ ‬صعبة‭ ‬إثر‭ ‬نصيبه‭ ‬وقدره،‭ ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬ووالداه‭ ‬حوله‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬أن‭ ‬صورة‭ ‬الأسرة‭ ‬المثالية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬التلاشي‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬حالات‭ ‬الطلاق،‭ ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬أنا‭ ‬أطالب‭ ‬المسؤولين‭ ‬بأن‭ ‬ينزعوا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬الدراسية‭ ‬صورة‭ ‬الأسرة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬والأطفال‭ ‬السعداء‭ ‬ليس‭ ‬لشيء،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬أغلب‭ ‬الأسر‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬وأطفالها‭ ‬أو‭ ‬أب‭ ‬وأطفاله،‭ ‬ولا‭ ‬أنتقص‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬شيئا،‭ ‬لكنني‭ ‬أعيب‭ ‬على‭ ‬الأسر‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬وأب‭ ‬وتركت‭ ‬أبناءها‭ ‬للحياة‭ ‬دون‭ ‬إرشاد‭ ‬أو‭ ‬توجيه،‭ ‬فخلقت‭ ‬لنا‭ ‬أفرادا‭ ‬فاسدين‭ ‬بائسين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالنقص‭ ‬ويصدرون‭ ‬عقدهم‭ ‬النفسية‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭.‬