ستة على ستة

كورونا والحرب على اللقاح

| عطا السيد الشعراوي

يبدو‭ ‬أن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬ستجر‭ ‬العالم‭ ‬لنوع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬ألفناه‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬تمهيدية‭ ‬ومواجهات‭ ‬عسكرية‭ ‬وخسائر‭ ‬مادية‭ ‬وبشرية،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬أدى‭ ‬العلماء‭ ‬ما‭ ‬عليهم‭ ‬وتوصلوا‭ ‬للقاحات‭ ‬عدة‭ ‬مضادة‭ ‬لهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬قياسية،‭ ‬تسبب‭ ‬الهلع‭ ‬الشديد‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬جراء‭ ‬الطبيعة‭ ‬الماكرة‭ ‬والغامضة‭ ‬لهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬وتقلباته‭ ‬وضحاياه،‭ ‬والكلفة‭ ‬الضخمة‭ ‬لتداعياته،‭ ‬لتدخل‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬رهيب‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬اللقاح‭ ‬وتأمينه‭ ‬لشعوبها‭.‬

ربما‭ ‬غاب‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬المواجهات‭ ‬الجزئية‭ ‬لن‭ ‬تؤمن‭ ‬دفاعًا‭ ‬كافيًا‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس‭ ‬ولن‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬انتشاره،‭ ‬وأن‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬الجميع‭ ‬بذات‭ ‬الطريق‭ ‬ليصلوا‭ ‬معا‭ ‬لنهايته،‭ ‬وبدون‭ ‬ذلك‭ ‬ستظل‭ ‬للفيروس‭ ‬جيوب‭ ‬تعطيه‭ ‬فرص‭ ‬العودة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

ربما‭ ‬استشعرت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخطر،‭ ‬فحذر‭ ‬مديرها‭ ‬تيدروس‭ ‬أدهانوم‭ ‬غيبرييسوس،‭ ‬من‭ ‬النزعة‭ ‬القومية‭ ‬في‭ ‬اللقاحات،‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬“هناك‭ ‬خطراً‭ ‬حقيقياً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأدوات‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الوباء‭ (‬اللقاحات‭) ‬قد‭ ‬تفاقم‭ ‬انعدام‭ ‬المساواة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم”‭. ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عن‭ ‬تهديده‭ ‬بتقييد‭ ‬صادرات‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬أيرلندا‭ ‬الشمالية‭ ‬بتعليق‭ ‬بند‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬بريكست‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا،‭ ‬يسمح‭ ‬بالتدفق‭ ‬الحر‭ ‬للسلع‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬الأيرلندية‭.‬

واضح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬قد‭ ‬تستخدم‭ ‬اللقاح‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدولية‭ ‬وكنوع‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬معينة،‭ ‬وللقضاء‭ ‬على‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬إبعاد‭ ‬اللقاح‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬حسابات‭ ‬أخرى،‭ ‬وأن‭ ‬تتخلى‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬عن‭ ‬الأنانية‭ ‬المفرطة‭ ‬وتسمح‭ ‬بهامش‭ ‬معقول‭ ‬وتتيح‭ ‬فرصًا‭ ‬مناسبة‭ ‬للدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬اللقاحات‭.‬