هل اغتيل الكاتب والكتاب؟

| فرات البسام

ما‭ ‬رأيكم‭ ‬بأن‭ ‬نخرج‭ ‬أنا‭ ‬وأنتم‭ ‬وشكسبير‭ ‬لنبحث‭ ‬عن‭ ‬قوانين‭ ‬الأدب؟‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬والكتابة‭ ‬نرى‭ ‬ظل‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬شمعة‭ ‬تضيء‭ ‬لنا‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬ظهورنا‭ ‬وفي‭ ‬منارات‭ ‬البحر،‭ ‬ويتعدى‭ ‬بريقها‭ ‬جبال‭ ‬اليابسة،‭ ‬لكنني‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬أتوقف‭ ‬وأضع‭ ‬قلمي‭ ‬جانبا‭ ‬وأتذكر‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬ينمو‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬عمليات‭ ‬اندماج‭ ‬الأضداد،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬قرأته‭ ‬لـ‭ ‬“هيغل”،‭ ‬فيلسوف‭ ‬ألماني‭ ‬يعتبر‭ ‬أهم‭ ‬مؤسسي‭ ‬المثالية‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬طور‭ ‬المنهج‭ ‬الجدلي‭ ‬الذي‭ ‬أثبت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أن‭ ‬سير‭ ‬التاريخ‭ ‬والأفكار‭ ‬يتم‭ ‬بوجود‭ ‬الأطروحة‭ ‬ثم‭ ‬نقيضها‭ ‬ثم‭ ‬التوليف‭ ‬بينهما،‭ ‬وأثر‭ ‬هيغل‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬المعاصرة‭.‬

لابد‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬ندمج‭ ‬عناصر‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬والكتاب‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأدب‭ ‬المثالي‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬دمج‭ ‬كتب‭ ‬الطبخ‭ ‬والخواطر‭ ‬في‭ ‬ثقافة‭ ‬الأدب‭ ‬العام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والفكري،‭ ‬فما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬كارثة‭ ‬أدبية‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬جيل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬المكتبة‭ ‬فتضيع‭ ‬بين‭ ‬مهاترات‭ ‬كتب‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬أدبية‭ ‬ولا‭ ‬فكرية‭ ‬لها،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬حبر‭ ‬الورقة‭ ‬وأحيانا‭ ‬كثيرة‭ ‬يأخذني‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬صبابة‭ ‬روعي‭ ‬إلى‭ ‬معترك‭ ‬الفهم،‭ ‬أفصح‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الهواجس‭ ‬وأسألها‭ ‬عن‭ ‬الحكايات‭ ‬وحلم‭ ‬الطفولة‭ ‬بأن‭ ‬نعيش‭ ‬عالما‭ ‬من‭ ‬الثقافة،‭ ‬لكن‭ ‬اليقظة‭ ‬تدلني‭ ‬على‭ ‬الوفاء‭ ‬لحلم‭ ‬الطفولة‭ ‬وتمسح‭ ‬عني‭ ‬تجاعيد‭ ‬دهري،‭ ‬وعندما‭ ‬أنتقل‭ ‬من‭ ‬الطفولة‭ ‬إلى‭ ‬الفهم‭ ‬تنتابني‭ ‬تساؤلات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬حاضرنا‭ ‬اليوم،‭ ‬أولها‭ ‬لماذا‭ ‬نتكلم‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬الثقافة‭ ‬بينما‭ ‬نحن‭ ‬نغتالها‭ ‬في‭ ‬رحمها‭ ‬وبأيدينا‭ ‬الملطخة‭ ‬بحبرها‭ ‬القاتم،‭ ‬وعندما‭ ‬نكلم‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬يهزون‭ ‬رؤوسهم‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬انحدار‭ ‬الثقافة‭ ‬ومفهومها‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬الكاتب‭ ‬والمثقف‭ ‬وإنزاله‭ ‬من‭ ‬صفوة‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬معترك‭ ‬التسابق‭.. ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬أكثر‭ ‬وينشر‭ ‬له‭ ‬كتاب‭ ‬ويسمى‭ ‬كاتبا‭ ‬ومعاني‭ ‬الكتاب‭ ‬هي‭ ‬كيف‭ ‬أعلمك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مثقفا‭ ‬وأديبا‭ ‬ومفكرا‭.‬

لقد‭ ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬يفسران‭ ‬بدلالة‭ ‬مائية،‭ ‬أتوقف‭ ‬وأسال‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬حقيقة‭ ‬مقصودة‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬أي‭ ‬كتاب‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬الكتاب‭ ‬الحقيقي؟‭ ‬هل‭ ‬المقصد‭ ‬زراعة‭ ‬الجهل‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬كتابا‭ ‬لنماذج‭ ‬لا‭ ‬ترتقي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ورقا‭ ‬لتنظيف‭ ‬زجاج‭ ‬السيارة‭ ‬الخلفي‭.‬