غاتسبي... سيد الوهم!

| أميرة صليبيخ

أشفق‭ ‬على‭ ‬“العظيم”‭ ‬غاتسبي‭... ‬لقد‭ ‬سعى‭ ‬مطولاً‭ ‬لتكوين‭ ‬ثروة‭ ‬وتوثيق‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأثرياء،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬احتياله‭ ‬ونصبه‭ ‬على‭ ‬القانون‭ - ‬كما‭ ‬تظهر‭ ‬الرواية‭ -‬‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تمكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬وأكثر‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الدافع‭ ‬الأساسي‭ ‬لغاتسبي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المال‭ ‬بقدر‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬من‭ ‬الإنسانة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬أحبها‭ ‬“ديزي”،‭ ‬والمفارقة‭ ‬أن‭ ‬“ديزي”‭ ‬الجميلة‭ ‬لم‭ ‬تنتظر‭ ‬غاتسبي‭ ‬طويلا‭ ‬بعد‭ ‬ذهابه‭ ‬للحرب،‭ ‬بل‭ ‬تأبطت‭ ‬ذراع‭ ‬أول‭ ‬غني‭ ‬طرق‭ ‬بابها‭ ‬ولحسن‭ ‬حظها‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬ابن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أغنى‭ ‬العائلات‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭. ‬حلم‭ ‬غاتسبي‭ ‬لم‭ ‬يتحطم‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬زواجها‭ ‬بآخر‭ ‬بل‭ ‬ازداد‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬لقائها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬حفلة‭ ‬صاخبة‭ ‬كان‭ ‬يقيمها،‭ ‬آملا‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬حبه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وتعيش‭ ‬معه‭ ‬خيالاته‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬طوال‭ ‬سنوات،‭ ‬غاتسبي‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬ديزي‭ ‬لتتطابق‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬أحلامه،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يتخيل‭ ‬الحوارات‭ ‬والردود‭ ‬المتوقعة‭ ‬منها‭!‬

كان‭ ‬غارقا‭ ‬في‭ ‬حلمه‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬تجاوزه‭ ‬ومصمما‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬هذا‭ ‬الحب،‭ ‬وتمادى‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬إقناعها‭ ‬بالهرب‭ ‬معه‭ ‬ومواجهة‭ ‬زوجها‭ ‬والإعلان‭ ‬عن‭ ‬حبهما،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ديزي‭ ‬تختار‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬البقاء‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬وتهرب‭ ‬معه‭ ‬خارج‭ ‬المدينة‭ ‬بعد‭ ‬قيامها‭ ‬بدهس‭ ‬سيدة‭ ‬بالخطأ‭ ‬أثناء‭ ‬قيادتها‭ ‬سيارة‭ ‬غاتسبي‭! ‬تتصاعد‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬وتنتهي‭ ‬الرواية‭ ‬بموت‭ ‬غاتسبي‭ ‬وموت‭ ‬حلمه‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭.‬

اختار‭ ‬غاتسبي‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬وهمه‭ ‬الشخصي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يشأ‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬يجعله‭ ‬حقيقة،‭ ‬فليست‭ ‬كل‭ ‬الأحلام‭ ‬قابلة‭ ‬للتحقق،‭ ‬وليست‭ ‬كل‭ ‬الأحلام‭ ‬جديرة‭ ‬بالسعي‭!‬

ترى‭ ‬كم‭ ‬واحدا‭ ‬منا‭ ‬مثل‭ ‬غاتسبي‭... ‬يعيش‭ ‬وهمه‭ ‬الشخصي‭ ‬ولا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬اليقظة‭ ‬منه‭ ‬والالتفات‭ ‬للواقع‭! ‬راجع‭ ‬أوهامك‭ ‬قبل‭ ‬أحلامك،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬غاتسبي‭ ‬آخر‭!.‬