الضحك على الذقون

| زهير توفيقي

لا‭ ‬أدري‭ ‬بأي‭ ‬مثل‭ ‬أبدأ‭ ‬مقالي‭ ‬اليوم،‭ ‬فـ‭ ‬“شر‭ ‬البلية‭ ‬ما‭ ‬يضحك”‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬الأمثل‭ ‬هنا،‭ ‬فالسادة‭ ‬النواب‭ ‬الأفاضل‭ ‬“سامحهم‭ ‬الله”،‭ ‬حقاً‭ ‬يثبتون‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬الأحلام‭! ‬فقد‭ ‬نشرت‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬بتاريخ‭ ‬‮٣٠‬‭ ‬يناير‭ ‬المنصرم‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لجانهم‭ ‬المختلفة‭ ‬اقتراحات‭ ‬بقانون‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬المنح‭ ‬والإعانات‭ ‬للمواطنين‭! ‬وقد‭ ‬قرر‭ ‬النواب‭ ‬الأبطال‭ ‬مناقشة‭ ‬تلك‭ ‬المقترحات‭ ‬في‭ ‬اجتماعهم‭ ‬اليوم‭ ‬“‮٢‬‭ ‬فبراير‭ ‬الجاري”،‭ ‬ما‭ ‬رأيكم‭ ‬إذا‭ ‬سردت‭ ‬لكم‭ ‬تلك‭ ‬المقترحات‭ ‬السخية‭ ‬والتي‭ ‬حتمًا‭ ‬سترفضها‭ ‬الحكومة‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭.‬

أولا‭: ‬منح‭ ‬‮٥٠‬‭ ‬دينارا‭ ‬شهريًا‭ ‬لرب‭ ‬الأسرة‭ ‬لإعانته‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التنقل‭! ‬ثانيا‭: ‬منح‭ ‬مكافأة‭ ‬‮٣٠٠‬‭ ‬دينار‭ ‬سنويًا‭ ‬تقديرًا‭ ‬للموظف‭ ‬المنضبط‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الوظيفية‭! ‬ثالثا‭: ‬منح‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬دينارا‭ ‬إعانة‭ ‬طفل‭ ‬لكل‭ ‬رب‭ ‬أسرة،‭ ‬وقد‭ ‬خلصت‭ ‬اللجنة‭ ‬المقدمة‭ ‬للاقتراح‭ ‬بقانون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬الاقتراح‭ ‬تترتب‭ ‬عليه‭ ‬كلفة‭ ‬مالية‭ ‬تم‭ ‬تقديرها‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬‮٦٤‬‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬سنويًا‭... ‬الله‭ ‬أكبر‭! ‬بصراحة‭ ‬شديدة‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬مضطرًا‭ ‬لرفع‭ ‬القبعة‭ ‬للسادة‭ ‬النواب،‭ ‬فلم‭ ‬أجد‭ ‬من‭ ‬عبارات‭ ‬الثناء‭ ‬والإطراء‭ ‬ما‭ ‬يوفي‭ ‬حقهم‭!! ‬كفاكم‭ ‬يا‭ ‬نواب‭ ‬دغدغة‭ ‬لمشاعر‭ ‬المواطنين‭ ‬لكسب‭ ‬ودهم‭ ‬وتعاطفهم‭ ‬وبالتالي‭ ‬رفع‭ ‬رصيد‭ ‬عدد‭ ‬الناخبين‭ ‬استعدادا‭ ‬للانتخابات‭ ‬القادمة‭.‬

حدثتني‭ ‬إحدى‭ ‬الأخوات‭ ‬وهي‭ ‬بصراحة‭ ‬حالها‭ ‬حال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬يجهلون‭ ‬القوانين‭ ‬والآلية‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬المقترحات،‭ ‬تقول‭ ‬وفرحتها‭ ‬لا‭ ‬توصف‭ ‬إن‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬نشرت‭ ‬خبرا‭ ‬عن‭ ‬منح‭ ‬إعانات‭ ‬جديدة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬منوهة‭ ‬بأن‭ ‬النواب‭ ‬أبلوا‭ ‬بلاءً‭ ‬حسنا‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المزايا‭ ‬والعلاوات‭ ‬للمواطنين‭ ‬ويستحقون‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭! ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قمت‭ ‬بشرح‭ ‬الآلية‭ ‬المتبعة‭ ‬وأوضحت‭ ‬لها‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬مقترحات‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬البتة‭ ‬ولا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬المالي‭ ‬الحالي‭ ‬وتمثل‭ ‬عجزًا‭ ‬إضافيا‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬ورفعا‭ ‬للدين‭ ‬العام‭ ‬المترتب‭ ‬على‭ ‬الحكومة،‭ ‬أفاقت‭ ‬من‭ ‬غفلتها‭ ‬وحلمها‭ ‬وعرفت‭ ‬أن‭ ‬جل‭ ‬اهتمام‭ ‬السادة‭ ‬النواب‭ ‬هو‭ ‬تسجيل‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬ليبرهنوا‭ ‬للناس‭ ‬أنهم‭ ‬الداعم‭ ‬الأول‭ ‬لحقوقهم‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬والكلمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغني‭ ‬ولا‭ ‬تسمن‭ ‬من‭ ‬جوع‭. ‬

هذه‭ ‬المقترحات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬النواب‭ ‬وكأننا‭ ‬نطلب‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬السمك‭ ‬من‭ ‬البر‭ ‬وليس‭ ‬البحر‭! ‬يا‭ ‬جماعة‭.. ‬لنكن‭ ‬واقعيين‭ ‬ولو‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة،‭ ‬كيف‭ ‬لكم‭ ‬أن‭ ‬تطلبوا‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬منحا‭ ‬وإعانات‭ ‬وأنتم‭ ‬تعرفون‭ ‬الوضع‭ ‬المالي‭ ‬الصعب‭ ‬وأن‭ ‬الحكومة‭ ‬اضطرت‭ ‬لفرض‭ ‬‮٥‬‭ ‬٪‭ ‬كضريبة،‭ ‬وأنتم‭ ‬تطالبون‭ ‬بمبالغ‭ ‬خيالية،‭ ‬بل‭ ‬جنونية‭! ‬والأدهى‭ ‬والأغرب‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬المقترحات‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ورفضتها‭ ‬الحكومة،‭ ‬ألم‭ ‬أقل‭ ‬لكم‭ ‬“شر‭ ‬البلية‭ ‬ما‭ ‬يضحك”،‭ ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬