التعليم والتنمية

| عبدعلي الغسرة

من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الاجتماع‭ ‬الأخير‭ ‬لمجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬“الاهتمام‭ ‬بتطوير‭ ‬التعليم،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مخرجاته‭ ‬رافدًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬للمسيرة‭ ‬التنموية‭ ‬الشاملة”،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أولا‭ ‬اهتمام‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬بالتعليم،‭ ‬وثانيًا‭ ‬أهمية‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والإنتاجية‭.‬

إن‭ ‬التعليم‭ ‬حجر‭ ‬أساس‭ ‬التنمية،‭ ‬فنجاح‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬يعتمد‭ ‬اعتمادًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬ونوعيته‭ ‬ومخرجاته،‭ ‬فالتنمية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أداتها‭ ‬وهدفها،‭ ‬ولتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬الإنسان‭ ‬المعلومات‭ ‬والمفاهيم‭ ‬والمهارات‭ ‬من‭ ‬تعليمية‭ ‬وعِلمية‭ ‬وتدريبية‭ ‬ليكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬بكفاءة‭ ‬وعدالة‭ ‬مستدامة،‭ ‬والمجتمع‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬تهيئة‭ ‬أفراده‭ ‬تعليميًا‭ ‬يكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬اللازمة‭ ‬لإدارة‭ ‬وتشغيل‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭. ‬

وكشفت‭ ‬الأبحاث‭ ‬الاقتصادية‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬التعليم‭ ‬كعامل‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“تنمية‭ ‬المهارات‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬التعليم”،‭ ‬وجودة‭ ‬التعليم‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬“التحسن‭ ‬النوعي‭ ‬لنوع‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬كاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬“رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري”،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬تنمية‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬ــ‭ ‬بالتعليم‭ ‬ــ‭ ‬مصدر‭ ‬أساسي‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬لأنه‭ ‬يؤثر‭ ‬كثيرًا‭ ‬على‭ ‬نوعية‭ ‬العمل‭ ‬نتيجة‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬على‭ ‬الناتج‭ ‬الإجمالي‭ ‬الوطني‭. ‬وقام‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬“بقياس‭ ‬مساهمة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نهج‭ ‬معدل‭ ‬العائد،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬حساب‭ ‬معدل‭ ‬العائد‭ ‬من‭ ‬النفقات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬وقياس‭ ‬تدفقات‭ ‬الأرباح‭ ‬المستقبلية‭ ‬للفرد‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬التعليم”،‭ ‬وبهذه‭ ‬الحسبة‭ ‬تظهر‭ ‬“تقديرات‭ ‬معدلات‭ ‬العائد‭ ‬على‭ ‬التعليم،‭ ‬وتستند‭ ‬هذه‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬معدلات‭ ‬العائدات‭ ‬الخاصة‭ ‬للأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يتلقون‭ ‬التعليم”‭.‬

وبجانب‭ ‬فوائد‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬على‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والإنتاج‭ ‬الوطني‭ ‬فإن‭ ‬التعليم‭ ‬أيضًا‭ ‬يدر‭ ‬فوائد‭ ‬استهلاكية‭ ‬للفرد‭ ‬والمجتمع،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬المتعلم‭ ‬يحقق‭ ‬رفاهية‭ ‬له‭ ‬ولأفراده،‭ ‬لذا‭ ‬فالتعليم‭ ‬كمنتج‭ ‬يستحق‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬سعر‭ ‬نظرًا‭ ‬لما‭ ‬يُحققه‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬فوائد‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬للمجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬وهي‭ ‬فوائد‭ ‬إنمائية،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬التعليم‭ ‬يجعل‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬أفضل‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬واقتصاديًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬وصحيًا‭ ‬وعِلميًا‭.‬