عمود أكاديمي

جوزيف بايدن والخليج

| د. باقر النجار

مثل‭ ‬تتويج‭ ‬جوزف‭ ‬بايدن‭ ‬الرئيس‭ ‬السادس‭ ‬والأربعين‭ ‬مجالا‭ ‬للتخمينات‭ ‬بشأن‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬ستتبناها‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬الجديدة‭ ‬نحو‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬عقّد‭ ‬فيها‭ ‬العلاقة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭. ‬

فالذين‭ ‬ساءت‭ ‬علاقتهم‭ ‬بترامب‭ ‬يتطلعون‭ ‬لعلاقة‭ ‬أفضل،‭ ‬وتحديدا‭ ‬دولا‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وغيرها،‭ ‬أما‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اتسمت‭ ‬علاقتها‭ ‬به‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬القرب‭ ‬فإنهم‭ ‬يتخوفون‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحظون‭ ‬بالأفضلية‭ ‬التي‭ ‬تمتعوا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القادم‭ ‬الجديد‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬مثل‭ ‬البرازيل‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وغيرها‭.. ‬

وقد‭ ‬لا‭ ‬يعنينا‭ ‬هذا‭ ‬كثيرا‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الملفات‭ ‬المُعلقة‭ ‬أو‭ ‬المطروحة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يعنينا‭ ‬نمط‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتشكل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬شقين‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقة،‭ ‬يتمثل‭ ‬شقها‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬نمط‭ ‬العلاقة‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتأسس‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬ولربما‭ ‬التساؤلات‭ ‬الأكثر‭ ‬تداولا‭ ‬هو‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بايدن‭ ‬سيعود‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬انسحب‭ ‬منه‭ ‬ترامب‭ ‬قبل‭ ‬3‭ ‬سنوات‭. ‬أو‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سيوسع‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ليشمل‭ ‬الأسلحة‭ ‬البالستية‭ ‬الإيرانية‭. ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك،‭ ‬أم‭ ‬إنه‭ ‬سيتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬آلية‭ ‬جديدة‭ ‬تتضمن‭ ‬بعض‭ ‬المتطلبات‭ ‬الجديدة‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬تضمين‭ ‬بعض‭ ‬الترتيبات‭ ‬الجديدة،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬إتفاق‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬حول‭ ‬أسلحتها‭ ‬البالستية‭.‬

أما‭ ‬الشق‭ ‬الثاني،‭ ‬المعنيين‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬علاقة‭ ‬إدارته‭ ‬الجديدة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭. ‬هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬تغيرات،‭ ‬كما‭ ‬يتخوف‭ ‬البعض،‭ ‬عن‭ ‬سلفه،‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬عمق‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تدفع‭ ‬نحو‭ ‬إحداث‭ ‬تغيرات‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كونها‭ ‬سياسات‭ ‬قد‭ ‬أرسلت‭ ‬قواعدها‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭. ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬مضمونها‭ ‬العام‭ ‬ستستمر‭ ‬تمثل‭ ‬عمق‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬وتداخل‭ ‬مصالحها‭. ‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للدولة‭ ‬العميقة‭ ‬تضمن‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬دون‭ ‬“منغصات”‭ ‬كبيرة،‭ ‬وإن‭ ‬نزع‭ ‬عنها‭ ‬تلك‭ ‬الحميمية‭ ‬التي‭ ‬ميزت‭ ‬العلاقة‭ ‬أثناء‭ ‬حكم‭ ‬ترامب‭. ‬وهي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬ستبقى‭ ‬في‭ ‬خطوطها‭ ‬العامة‭ ‬قائمة‭ ‬ومستمرة‭ ‬وإن‭ ‬اختلفوا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الموضوعات‭ ‬والأمور‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬هامشية‭. ‬فأهمية‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬ستبقى‭ ‬تمثل‭ ‬لب‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة،‭ ‬وهي‭ ‬مصالح‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬غدا‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬غد،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مستمرة‭ ‬باستمرار‭ ‬أهمية‭ ‬عنصري‭ ‬الطاقة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأميركي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬بالنسبة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬أهمية‭ ‬الأمن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتداوله‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬ضغوط‭ ‬محتملة‭ ‬قد‭ ‬أطلقها‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تستمر‭ ‬بعدها‭. ‬فجزء‭ ‬مما‭ ‬يطرح‭ ‬في‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬هي‭ ‬موضوعات‭ ‬أعلامية‭ - ‬سياسية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬موضوعات‭ ‬لسياسة‭ ‬عمل‭ ‬قد‭ ‬يشرع‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬تبنيها‭. ‬فالمصالح‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬مصالح‭ ‬تصيغها‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة،‭ ‬لا‭ ‬تتبدل‭ ‬بتبدل‭ ‬الأفراد‭. ‬ودعونا‭ ‬نبدأ‭ ‬بمسألة‭ ‬طالما‭ ‬طرحها‭ ‬الأعلام‭ ‬الأميركي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وهي‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬وهي‭ ‬أطروحة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬أطروحات‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬الجمهوري‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طرحها‭ ‬أو‭ ‬ممارسة‭ ‬بعض‭ ‬الضغوط‭ ‬حولها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬بعض،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جل‭ ‬حالاتها،‭ ‬ذلك‭ ‬الطرح‭ ‬الإعلامي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الروسية‭ ‬والصينية‭ ‬والإيرانية‭. ‬وهي‭ ‬موضوعة‭ ‬متحورة‭ ‬وفق‭ ‬الأولويات‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭. ‬وهي‭ ‬قد‭ ‬توظف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أحيانها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تنازلات‭ ‬لحالتها‭ ‬القصوى‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬أطروحتها‭ ‬الإعلامية‭ - ‬سياسية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها،‭ ‬ونكرر‭ ‬هنا،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تذهب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعيدا‭ ‬للمستوى‭ ‬الذي‭ ‬يضع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬تفاوضي‭ ‬أضعف‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬قوى‭ ‬المعارضة‭ ‬أو‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭. ‬

وهي‭ ‬تعرف‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬حالاتها‭ ‬لن‭ ‬تصل‭ ‬لمستوى‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬تطالب‭ ‬ببعض‭ ‬التحسينات‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬للمستوى‭ ‬الذي‭ ‬يضر‭ ‬بأمن‭ ‬الدولة‭ ‬وهيبتها‭.‬

أما‭ ‬الموضوع‭ ‬الداخلي‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬الحريات‭ ‬السياسية‭ ‬والمدنية،‭ ‬وكما‭ ‬أعتقد‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬وارد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضمن‭ ‬موضوعات‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬الضغطية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الأولى‭. ‬وهي‭ ‬موضوعات‭ ‬لن‭ ‬تذهب‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬طرحها‭ ‬أو‭ ‬بالدفع‭ ‬بها‭ ‬بالصورة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تربك‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تنال‭ ‬من‭ ‬قوته‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬المجتمع‭... ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬تجربة‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬قابلة‭ ‬للتكرار‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بالتكرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬كموضوع‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬أولوية‭ ‬سياسية‭ ‬ملحة‭ ‬للإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬فيها‭ ‬مشغولة‭ ‬بأولوياتها‭ ‬الداخلية،‭ ‬التي‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬رأب‭ ‬الانقسام‭ ‬الداخلى‭ ‬وإدارة‭ ‬أفضل‭ ‬لأزمة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬حصدت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬الأرواح‭ ‬وأصابت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬مليون،‭ ‬والذي‭ ‬سيستهلك‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬وجهد‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أولوية‭ ‬رأب‭ ‬الصدع‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬أميركا‭ ‬بأوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬ولربما‭ ‬ترتيب‭ ‬علاقتها‭ ‬بالصين‭ ‬وروسيا‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬تسبق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أي‭ ‬موضوعات‭ ‬أخرى‭.‬

‭ ‬ويبقى‭ ‬الموضوع‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬نال‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬أجندة‭ ‬بايدن‭ ‬الانتخابية‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬اليمن،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬من‭ ‬التعقيد‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭ ‬تُفقد‭ ‬بها‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬أي‭ ‬قدرة‭ ‬سريعة‭ ‬على‭ ‬حلها‭. ‬وهي‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬ومن‭ ‬جديد‭ ‬نحو‭ ‬تفاهمات‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أطرافها‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وإيران،‭ ‬استباقا‭ ‬لأي‭ ‬حل،‭ ‬وهي‭ ‬ترتيبات‭ ‬قد‭ ‬تستغرق‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭. ‬

فمخاوف‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬تمدد‭ ‬الوجود‭ ‬الإيراني‭ ‬لأطرافها‭ ‬الجنوبية‭ ‬وما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬لأمنها‭ ‬ولربما‭ ‬للمصالح‭ ‬الأميركية‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬سيسوى‭ ‬منفردا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬ملفات‭ ‬أكبر‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬إيران‭ ‬طرفا‭ ‬فيها‭.‬

وأخيرا‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬الإدارة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬تبنيها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إلا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيران‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬وهي‭ ‬مواقف‭ ‬لن‭ ‬يحصل‭ ‬فيها‭ ‬تغيير‭ ‬جوهري‭ ‬بالكامل‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موقفا‭ ‬“تبريديا”‭ ‬لملفات‭ ‬ساخنة‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬رؤيتهم‭ ‬وسياساتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب‭. ‬وهي‭ ‬تبدو‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الداخل‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. ‬فقد‭ ‬ورث‭ ‬بايدن‭ ‬مجتمعا‭ ‬منقسما‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬وإدارة‭ ‬قد‭ ‬أصابها‭ ‬قدرا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬والخلل‭ ‬والفردانية‭.‬

أو‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المفكر‭ ‬الأميركي‭ ‬فوكوياما‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الفورين‭ ‬افيرز‭ ‬“إن‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التداعي‭ ‬قد‭ ‬أصاب‭ ‬الدولة‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬السابقة”،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يذهب‭ ‬للقول‭ ‬“إن‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬بدا‭ ‬منغمسا‭ ‬في‭ ‬الفساد‭. ‬وإن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأميركية‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬نخب‭ ‬سياسية‭ ‬وظفت‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬لمصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬أضرت‭ ‬كثيرا‭ ‬بمسألة‭ ‬شرعيتها‭ ‬بشكل‭ ‬عام”‭.‬