أهمية حماية الملكية الفكرية

| د. عبدالقادر ورسمه

من‭ ‬أهم‭ ‬الممتلكات‭ ‬الآن‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬ما‭ ‬ينتجه‭ ‬العقل‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬وأدبية‭ ‬وموسيقية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغزير‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬عقولنا‭ ‬المنيرة‭. ‬وهذا‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬الآن‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن،‭ ‬أصبح‭ ‬يشكل‭ ‬ثروة‭ ‬هائلة‭ ‬للأفراد‭ ‬وكل‭ ‬المجتمع‭ ‬وحتى‭ ‬الدول‭. ‬ولكن‭ ‬علينا،‭ ‬حماية‭ ‬هذا‭ ‬الإنتاج‭ ‬المهم‭ ‬من‭ ‬المتطفلين‭ ‬وسارقي‭ ‬الجهود‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬حبانا‭ ‬بها‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭. ‬وطبيعيا‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يحمي‭ ‬ممتلكاته‭ ‬المادية‭ ‬الملموسة‭ ‬كالمنزل‭ ‬والنقود‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لحماية‭ ‬الممتلكات‭ ‬المعنوية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الفكر‭ ‬من‭ ‬إبداعات‭ ‬هندسية‭ ‬وحرفية‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬العقل‭ ‬المثمر‭. ‬ونظرا‭ ‬لأهمية‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬الفكرية،‭ ‬وجدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواثيق‭ ‬والمعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬لحماية‭ ‬كافة‭ ‬إنتاج‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬عبر‭ ‬التسجيل‭ ‬القانوني‭ ‬لحقوق‭ ‬الملكية‭. ‬ولقد‭ ‬صدرت‭ ‬القوانين‭ ‬الوطنية‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬تتبنى‭ ‬التوجيهات‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية،‭ ‬وعليه‭ ‬تم‭ ‬وضع‭ ‬الضوابط‭ ‬والإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬المحلية‭ ‬لتسجيل‭ ‬منتجات‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬لإصباغ‭ ‬الحماية‭ ‬المطلوبة‭. ‬

وبدأت‭ ‬ثقافة‭ ‬حماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬وتسجيلها‭ ‬تنتشر‭ ‬وتأخذ‭ ‬مكانها‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬غالبية‭ ‬الدول،‭ ‬وهذا‭ ‬سيعود‭ ‬لنا‭ ‬بفوائد‭ ‬عديدة،‭ ‬من‭ ‬ضمنها،‭ ‬أن‭ ‬الضوابط‭ ‬القانونية‭ ‬المنظمة‭ ‬لحماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬تتيح‭ ‬للمستهلك‭ ‬إمكانية‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬مقاولين‭ ‬متنافسين‭ ‬وبين‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬يبيعونها‭. ‬هذا،‭ ‬لأن‭ ‬حماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬مواتية‭ ‬للمنافسة‭ ‬لأنها‭ ‬تضمن‭ ‬حماية‭ ‬الأصول‭ ‬التجارية‭ ‬غير‭ ‬الملموسة‭. ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬النقاط‭ ‬فوق‭ ‬الحروف،‭ ‬فإن‭ ‬أصحاب‭ ‬الشركات‭ ‬ومقدمي‭ ‬الخدمات‭ ‬الأقل‭ ‬كفاءة‭ ‬سيحاولون‭ ‬جذب‭ ‬الزبائن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقليد‭ ‬ونسخ‭ ‬سلع‭ ‬وخدمات‭ ‬المنافسين‭ ‬الأكثر‭ ‬كفاءة‭. ‬ونلاحظ،‭ ‬مدى‭ ‬كساد‭ ‬المنتجات‭ ‬الأصلية‭ ‬بسبب‭ ‬التقليد‭ ‬والتزوير‭ ‬والنسخ‭. ‬

ومن‭ ‬المفارقات‭ ‬أن‭ ‬التزوير‭ ‬والتقليد‭ ‬يقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬أمام‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأصيل،‭ ‬لأن‭ ‬أولئك‭ ‬“النوابغ”‭ ‬لن‭ ‬يجدوا‭ ‬أي‭ ‬حافز‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬لتحسين‭ ‬منتجاتهم‭ ‬وخدماتهم‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬منتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬جديدة؛‭ ‬بسبب‭ ‬كساد‭ ‬إنتاجهم‭ ‬وتكدسه‭ ‬في‭ ‬المخازن‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬فإن‭ ‬الخاسر‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬المجتمع‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬لن‭ ‬تضطلع‭ ‬بذلك‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬المنافسة‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬تتم‭ ‬حماية‭ ‬المستهلك‭ ‬وتتم‭ ‬مصادرة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬التقليد‭ ‬والتزوير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أشكاله‭. ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬للتصدي‭ ‬لحماية‭ ‬المنتجات‭ ‬“الأصلية”‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬المنافذ‭ ‬وأولها‭ ‬نقاط‭ ‬العبور‭ ‬والمطارات‭ ‬والموانئ‭. ‬وهنا،‭ ‬على‭ ‬سلطات‭ ‬الجمارك‭ ‬اليقظة‭ ‬والحذر‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬حجز‭ ‬كل‭ ‬البضائع‭ ‬المقلِدة‭ ‬وإخطار‭ ‬النيابة‭ ‬ووكلاء‭ ‬المنتجات‭ ‬الأصلية‭ ‬ليقوموا‭ ‬بدورهم‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬ومصادرة‭ ‬وإتلاف‭ ‬كل‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع‭ ‬المزورة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬مرتكبي‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭. ‬وللعلم،‭ ‬أن‭ ‬تسجيل‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية‭ ‬لمنتجك‭ ‬وسلعك‭ ‬سيقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الخطوات‭ ‬القانونية‭ ‬المطلوبة‭ ‬للحماية‭.‬

والتسجيل‭ ‬القانوني،‭ ‬لدى‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المختصة،‭ ‬يمنحك‭ ‬فترة‭ ‬أولية‭ ‬ممتدة‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وفي‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لأحد‭ ‬التعدي‭ ‬أو‭ ‬التغول‭ ‬على‭ ‬حقوقك‭ ‬المسجلة‭. ‬وليس‭ ‬في‭ ‬الإمكان‭ ‬أحسن‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬لأن‭ ‬القانون‭ ‬يمنحك‭ ‬كل‭ ‬الحماية‭.‬