المحرق “أم المدن”... الاقتصاد والأسواق في 211 عاما

| د. حسين المهدي

تعرف‭ ‬جزيرة‭ ‬المحرق‭ ‬لقرون‭ ‬طويلة‭ ‬بأنها‭ ‬“عاصمة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي”‭ ‬وفقا‭ ‬لهيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار،‭ ‬حيث‭ ‬استحوذ‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬على‭ ‬75‭ % ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬وتركيا‭ ‬وغيرها،‭ ‬في‭ (‬1877م‭)‬،‭ ‬وإلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وأميركا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وقدر‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬المصدر‭ ‬منها‭ ‬بـ‭ (‬97.3‭ %) ‬من‭ ‬كل‭ ‬لؤلؤ‭ ‬الخليج‭ ‬العربيّ‭ (‬1904‭ - ‬1905‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬تضاعف‭ ‬قيمة‭ ‬صادرات‭ ‬اللّؤلؤ‭ ‬البحريني‭ ‬ست‭ ‬مرات‭ (‬1900‭ - ‬1912م‭)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الجوائح‭ ‬والحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬والركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العظيم،‭ ‬وظهور‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وعوامل‭ ‬أخرى،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬قطاع‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬في‭ (‬1950م‭).‬

ومع‭ ‬ظهور‭ ‬المحرق‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ (‬1796م‭)‬،‭ ‬برزت‭ ‬الأسواق‭ ‬الحديثة‭ ‬أيضا،‭ ‬وتأسيس‭ ‬سوق‭ ‬“القيصرية”‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬“قيصر‭ ‬الروم”‭ ‬الذي‭ ‬دشن‭ ‬في‭ (‬1810م‭) ‬وفقا‭ ‬إلى‭ ‬صلاح‭ ‬الجودر‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬في‭ ‬العام‭ (‬2019‭) ‬وفي‭ ‬الأعوام‭ ‬الأولى‭ ‬له‭ ‬احتوى‭ ‬على‭ ‬300‭ ‬محل‭ ‬استخدمت‭ ‬للتجارة‭ ‬العامة‭ ‬وتجارة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬وبناء‭ ‬القوارب،‭ ‬ومع‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬19‭ ‬ازدهرت‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية‭ ‬باتخاذ‭ ‬الهند‭ ‬الشرقية‭ ‬البحرين‭ ‬مركزاً‭ ‬لبيع‭ ‬بضائعها،‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬صعود‭ ‬أنشطة‭ ‬صيد‭ ‬وتجارة‭ ‬اللؤلؤ،‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أسواق‭ ‬أخرى‭ ‬كسوق‭ ‬خارو‭ ‬بفريج‭ ‬الشيوخ‭ ‬الذي‭ ‬اندثر،‭ ‬حيث‭ ‬يتعامل‭ ‬الباعة‭ ‬ببضائعهم‭ ‬المتنوعة‭. ‬وهناك‭ ‬سوق‭ ‬الطيارة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬شارع‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد،‭ ‬إلى‭ ‬جامع‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد،‭ ‬وسمي‭ ‬بذلك‭ ‬للمظلة‭ ‬التي‭ ‬تظلله‭ (‬أو‭ ‬الطيارة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تسمى‭ ‬آنذاك‭) ‬وهناك‭ ‬أسواق‭ ‬كسوق‭ ‬كشيش‭ ‬وسكة‭ ‬محيش‭ ‬وموقعه‭ ‬الإشارة‭ ‬الضوئية‭ ‬مقابل‭ ‬جامع‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬مرورا‭ ‬بمسجد‭ ‬الصاغة‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬أبناء‭ ‬محبوب،‭ ‬وسوق‭ ‬النجادة،‭ ‬للباعة‭ ‬من‭ ‬نجد،‭ ‬وسوق‭ ‬التمر‭ ‬والدبس‭ ‬حيث‭ ‬رممت‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬دكانين‭ ‬للدبس‭ ‬على‭ ‬الأطراف‭ ‬الشرقية‭ ‬للقيصرية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الشرق،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬التجار‭ ‬المتميز‭ ‬بعماراته‭ ‬الواسعة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الشارع‭ ‬إلى‭ ‬ساباط‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬موسى‭ ‬وعمارات‭ ‬فخرو‭ ‬والدوي،‭ ‬وإبراهيم‭ ‬بوكمال،‭ ‬والمحمية،‭ ‬والزياني،‭ ‬والفايز،‭ ‬وعبدالله‭ ‬بن‭ ‬خليل‭ ‬الحسن،‭ ‬وأخيراً‭ ‬عمارة‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬جاسم‭ ‬سيادي،‭ ‬وكذلك‭ ‬محلات‭ ‬القراشية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬الأرز‭ ‬والسكر‭ ‬والحبوب‭ ‬والبهارات‭ ‬والمكسرات‭ ‬وغيرها‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬فارس‭ ‬والهند‭ ‬والعراق،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬الحساب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دفاتر‭ ‬حسابية‭ ‬لدى‭ ‬أصحابها‭ ‬ولدى‭ ‬أصحاب‭ ‬المحلات،‭ ‬وآخر‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬اندثر‭ ‬بعضها،‭ ‬سوق‭ ‬الذهب‭ ‬على‭ ‬أملاك‭ ‬بيت‭ ‬المحميد،‭ ‬وقدر‭ ‬عمره‭ ‬بنحو‭ ‬9‭ ‬عقود‭.‬

أما‭ ‬سوق‭ ‬المحرق‭ ‬المركزي‭ ‬القديم‭ ‬المؤسس‭ ‬بالخمسينات‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬المحرق‭ ‬المركزي‭ ‬بالبسيتين،‭ ‬ثم‭ ‬حُدث‭ ‬وافتتحه‭ ‬في‭ (‬2019م‭) ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬التنين‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ (‬2016م‭) ‬ومجمع‭ ‬السيف‭ ‬بالمحرق‭ ‬ومجمع‭ ‬الواحة‭ ‬وعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬والبرادات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬المحرق‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭.‬