زبدة القول

العالم لن يعود كما كان

| د. بثينة خليفة قاسم

تبين‭ ‬الأحداث‭ ‬والتصريحات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬العلماء‭ ‬والأطباء‭ ‬ومراكز‭ ‬البحوث‭ ‬أن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬محطة‭ ‬تاريخية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬كله‭ ‬وليس‭ ‬تاريخ‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬أمة‭ ‬فقط،‭ ‬فالعالم‭ ‬قبل‭ ‬كورونا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كالعالم‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬عندما‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭.‬

العالم‭ ‬كان‭ ‬ينام‭ ‬ويصحو‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬اللقاح‭ ‬ويعد‭ ‬الأيام‭ ‬والدقائق‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬فيه‭ ‬إنتاج‭ ‬اللقاح‭ ‬لوقف‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬أرعب‭ ‬البشرية‭ ‬وفاقم‭ ‬كل‭ ‬الأشياء‭ ‬السيئة،‭ ‬فالاقتصاديات‭ ‬السيئة‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬سوءا،‭ ‬والأمراض‭ ‬العقلية‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬انتشارا،‭ ‬وعندما‭ ‬جاء‭ ‬اللقاح‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬انتظاره‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬بلا‭ ‬إجابة‭ ‬وتبين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬المبكر‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬البشرية‭ ‬وداعا‭ ‬لكورونا،‭ ‬وقد‭ ‬خرج‭ ‬علينا‭ ‬بالأمس‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬أكثر‭ ‬دولة‭ ‬معاناة‭ ‬من‭ ‬كورونا،‭ ‬بريطانيا،‭ ‬ليعلن‭ ‬أن‭ ‬السلالة‭ ‬البريطانية‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الفيروس‭ ‬ستكون‭ ‬أكثر‭ ‬فتكا‭ ‬وأكثر‭ ‬انتشارا‭ ‬من‭ ‬السلالات‭ ‬الأخرى،‭ ‬لكن‭ ‬الشيء‭ ‬المزعج‭ ‬حقا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬بعمل‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬اللقاح‭ ‬لكي‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬السلالات‭ ‬الجديدة،‭ ‬فهو‭ ‬نبأ‭ ‬لو‭ ‬تأكد‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الدوامة‭ ‬المرعبة‭ ‬لوقت‭ ‬أطول‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬متى‭ ‬تكون‭ ‬النهاية‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ثبوت‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬ثبوتها،‭ ‬فهناك‭ ‬غيرها‭ ‬ما‭ ‬سيجبر‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬أنماط‭ ‬سلوكه‭ ‬وعاداته‭ ‬وسيصبح‭ ‬الناس‭ ‬أكثر‭ ‬ميلا‭ ‬لميكنة‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وسوف‭ ‬تظل‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬تعقد‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬المؤتمر‭ ‬أو‭ ‬الاجتماع‭.‬

العلماء‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تطعيمه‭ ‬باللقاح‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬محميا‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬الفيروس،‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬يصاب‭ ‬بأعراض‭ ‬خفيفة‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬أية‭ ‬أعراض‭ ‬مطلقا،‭ ‬ومعنى‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬معرضا‭ ‬للخطر،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬بلا‭ ‬أعراض‭ ‬سيظل‭ ‬ناقلا‭ ‬للمرض‭ ‬إلى‭ ‬غيره‭... ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الماراثون‭ ‬الطويل‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬العلماء‭ ‬سوى‭ ‬شيئين‭ ‬فقط‭ ‬هما‭ ‬قواعد‭ ‬النظافة‭ ‬وغسل‭ ‬الأيدي‭ ‬والتباعد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ومعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أننا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نواصل‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذين‭ ‬الشيئين‭ ‬حتى‭ ‬يقضي‭ ‬الله‭ ‬أمرا‭ ‬كان‭ ‬مفعولا،‭ ‬ولم‭ ‬لا‭ ‬نلتزم‭ ‬بهما‭ ‬كأسلوب‭ ‬حياة؟‭!‬