مواقف إدارية

ليس هناك أسهل من الكلمات!

| أحمد البحر

‭   ‬في‭ ‬حركاتٍ‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬المسرحية‭ ‬الدرامية‭ ‬وبصوت‭ ‬عالٍ‭ ‬غير‭ ‬مبرّر‭ ‬أخذ‭ ‬المحاضر‭ ‬يردّد‭ ‬مخاطبًا‭ ‬الحضور‭: ‬هل‭ ‬تعرفون‭ ‬أو‭ ‬سمعتم‭ ‬عن‭ ‬هنري‭ ‬فورد‭ ‬ذلك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإداري،‭ ‬بل‭ ‬القائد‭ ‬الإداري‭ ‬المتميّز‭ ‬والمتمرّس؟‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬بعضكم‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬بذلك‭. ‬وتابع‭ ‬وبذات‭ ‬نبرة‭ ‬الصوت‭ ‬العالية‭ ‬والحركات‭ ‬التمثيلية‭: ‬سأعرض‭ ‬أمامكم‭ ‬مقولة‭ ‬نادرة‭ ‬ومهمة‭ ‬لهذه‭ ‬الشخصية‭ ‬غير‭ ‬العادية‭ ‬وهي‭ ‬نِتاج‭ ‬خبرة‭ ‬حياتية‭ ‬ومهنية‭.‬

‭   ‬يقول‭ ‬فورد‭ ‬‘‘أي‭ ‬شخص‭ ‬يتوقّف‭ ‬عن‭ ‬التعلم‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬عجوز‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬عُمره‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬الثمانين،‭ ‬وأي‭ ‬شخص‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬التعلم‭ ‬يبقى‭ ‬شابًّا‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬العُمر،‭ ‬فإن‭ ‬أعظم‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬عقولنا‭ ‬شابة’’‭. ‬وتوقّف‭ ‬المحاضر‭ ‬للحظات‭ ‬ليرى‭ ‬تأثير‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬على‭ ‬الحضور‭. ‬ثم‭ ‬تابع‭: ‬أنا‭ ‬شديد‭ ‬الإيمان‭ ‬بهذه‭ ‬المقولة‭ ‬وهي‭ ‬المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أحيد‭ ‬عنه‭ ‬أبدًا‭.‬‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬معي‭ ‬يعرف‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬عني،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أتردّد‭ ‬أبدًا‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬المنتديات‭ ‬والفعاليات‭ ‬التدريبية،‭ ‬فهي‭ ‬الوسيلة‭ ‬لمواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬والمتغيرات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العمل‭ ‬وهذا‭ ‬واجب‭ ‬مهني‭.‬

‭   ‬كان‭ ‬أحدهم‭ ‬يتابع‭ ‬ذلك‭ ‬المحاضر‭ ‬باهتمام‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬والابتسامة‭ ‬لا‭ ‬تفارقه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬زميله‭ ‬الجالس‭ ‬بجانبه‭ ‬يسأله‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬تلك‭ ‬الابتسامة،‭ ‬فأجابه‭ ‬صاحبنا‭ ‬قائلًا‭: ‬ستعرف‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬أقابل‭ ‬المحاضر‭ ‬خلال‭ ‬الاستراحة‭.‬

‭   ‬بحث‭ ‬صاحبنا‭ ‬عن‭ ‬المحاضر‭ ‬فوجده‭ ‬جالسًا‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاركين،‭ ‬اصطحب‭ ‬زميله‭ ‬وذهبا‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬كان‭. ‬قال‭ ‬صاحبنا‭ ‬مخاطبًا‭ ‬إياه‭: ‬هل‭ ‬تذكرني؟‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬تحت‭ ‬إمرتك‭ ‬الإدارية‭! ‬أجابه‭ ‬المحاضر‭: ‬نعم‭ ‬أذكرك،‭ ‬أنت‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬وأحد‭ ‬الكفاءات‭ ‬المميزة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التدريب‭. ‬التفت‭ ‬صاحبنا‭ ‬إلى‭ ‬الحاضرين‭ ‬قائلًا‭: ‬الأستاذ‭ ‬المحاضر‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بالتحدث‭ ‬عن‭ ‬التدريب‭ ‬والتعلم‭. ‬كنت‭ ‬أرسل‭ ‬له‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والفعاليات‭ ‬التدريبية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مهامه‭ ‬باستمرار‭. ‬أذكر‭ ‬أنه‭ ‬وافق‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬إحدى‭ ‬تلك‭ ‬الفعاليات‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭!‬

يقول‭ ‬آرثر‭ ‬جوردون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬‘‘ليس‭ ‬هناك‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬وليس‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬معايشتها‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم’’،‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟