“المشروع الوطني للتوظيف”

| د. عبدالله الحواج

رغم‭ ‬ما‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والعالم،‭ ‬ورغم‭ ‬التفشي‭ ‬الأعظم‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‭ ‬واحتياجها‭ ‬لمعظم‭ ‬أرجاء‭ ‬الكون،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬مازالت‭ ‬تفكر‭ ‬وتفكر،‭ ‬تحاول‭ ‬وتحاول،‭ ‬حتى‭ ‬اهتدت‭ ‬والهداية‭ ‬من‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭ ‬فارق‭ ‬للتوظيف،‭ ‬مشروع‭ ‬أطلقه‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬لتوظيف‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2021،‭ ‬وفرص‭ ‬تدريبية‭ ‬لحوالي‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬المهنية‭ ‬والفنية‭ ‬والإدارية‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬العام‭ ‬والأهلي‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

المبادرة‭ ‬الكريمة‭ ‬على‭ ‬نجاعة‭ ‬مقصدها‭ ‬والقرار‭ ‬على‭ ‬رجاحة‭ ‬توجهه‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬سيكلف‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬نحو‭ ‬120‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬وهذه‭ ‬تكلفة‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬قناتها‭ ‬الصحيحة‭ ‬وفي‭ ‬مضمونها‭ ‬المطلوب،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬ما‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬كجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجرأ‭ ‬من‭ ‬نماء‭ ‬مستدام‭ ‬صنوانه‭ ‬الإنسان‭ ‬وحجر‭ ‬زاويته‭ ‬مهارته‭ ‬وكفاءته،‭ ‬وقدراته‭ ‬المعرفية‭.‬

سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬يدرك‭ ‬ضمن‭ ‬اهتمامه‭ ‬التاريخي‭ ‬بالبشر‭ ‬قبل‭ ‬الحجر،‭ ‬أن‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬الأقصر‭ ‬نحو‭ ‬الوظيفة‭ ‬الملائمة‭ ‬لكل‭ ‬متدرب‭ ‬أو‭ ‬متعلم‭ ‬أو‭ ‬خريج،‭ ‬وأن‭ ‬الإعداد‭ ‬والتهيئة‭ ‬المثاليين‭ ‬يأتيان‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬بحيث‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬طالب‭ ‬العمل‭ ‬نحو‭ ‬وجهته‭ ‬الصحيحة‭.‬

مشكلة‭ ‬مشروعاتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬للتوظيف‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬الوظيفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬مؤهل‭ ‬طالبها،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬خبراته‭ ‬المكتسبة‭ ‬أو‭ ‬معرفته‭ ‬التدريبية‭ ‬بالمهنة‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬إرساله‭ ‬إليها،‭ ‬ومشكلة‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬كانت‭ ‬تذهب‭ ‬بكل‭ ‬حسن‭ ‬نية‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يتخصص،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬موقع‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬سيذهب‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يقضي‭ ‬فيه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬عمره،‭ ‬وأنه‭ ‬المحراب‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬ويجيد‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭.‬

نحن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬“تمكين”‭ ‬ربما‭ ‬يرصد‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬وهذا‭ ‬المبلغ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُحدث‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬توجيهها‭ ‬إلى‭ ‬مستحقيها‭ ‬الحقيقيين‭ ‬حسب‭ ‬“كرايتيريا”‭ ‬أو‭ ‬معايير‭ ‬قياس‭ ‬دقيقة‭ ‬لطالبي‭ ‬العمل‭ ‬بعد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التأهيل‭ ‬أو‭ ‬التدريب‭ ‬المعتبرين،‭ ‬لكننا‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬بحسها‭ ‬الوطني،‭ ‬والشعبي،‭ ‬قد‭ ‬أدركت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬للتوظيف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لإزاحة‭ ‬شبح‭ ‬البطالة‭ ‬من‭ ‬أروقة‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬يكتظ‭ ‬بالباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬مزدحما‭ ‬بهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يسجلون‭ ‬أنفسهم‭ ‬طلبًا‭ ‬للوظيفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتقنونها‭ ‬أو‭ ‬يعرفون‭ ‬أدبيات‭ ‬خصائصها‭.‬

ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬للتوظيف‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬مؤخرًا‭ ‬يربط‭ ‬التدريب‭ ‬بالتوظيف،‭ ‬واضعًا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬وظيفة‭ ‬مشروعا‭ ‬عملاقا‭ ‬لتدريب‭ ‬وتأهيل‭ ‬10‭ ‬آلاف،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬مرتفعة‭ ‬جدًا‭ ‬قياسًا‭ ‬بتلك‭ ‬النسب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تفترض‭ ‬أن‭ ‬أعداد‭ ‬طالبي‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬خصيصًا‭ ‬هم‭ ‬مؤهلون‭ ‬بالضرورة،‭ ‬ولكن‭ ‬ونظرًا‭ ‬لوجود‭ ‬حالات‭ ‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬خارج‭ ‬السيطرة‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬بعينها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الحالات‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬المشروع‭ ‬الحيوي‭ ‬للتوظيف‭ ‬ومشروع‭ ‬تدريب‭ ‬العشرة‭ ‬آلاف،‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬سد‭ ‬تلك‭ ‬الثغرة‭ ‬بين‭ ‬فرصة‭ ‬العمل‭ ‬المتاحة،‭ ‬وتوفر‭ ‬الإمكانية‭ ‬لطالبيها،‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطروح‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬بالفعل،‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يدرس‭ ‬ويتدرب،‭ ‬وبين‭ ‬موقع‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يتلقى‭ ‬الطلبات‭ ‬ويرحب‭ ‬ويمد‭ ‬فترات‭ ‬التدريب‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬استقامتها‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص‭ ‬أو‭ ‬البين‭ ‬بين،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬