ستة على ستة

إرث ترامب

| عطا السيد الشعراوي

من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬مهما‭ ‬سطع‭ ‬نجم‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬لمع‭ ‬اسمه،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬بصدد‭ ‬شخصية‭ ‬مثل‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬غادر‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬مؤخرًا‭ ‬ليحل‭ ‬محله‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المتصور‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬تأييد‭ ‬ترامب‭ ‬بين‭ ‬الأميركيين‭ ‬29‭  % ‬فقط‭ ‬وفقًا‭ ‬لاستطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجراه‭ ‬مركز‭ ‬“بيو”‭ ‬للأبحاث،‭ ‬إذ‭ ‬تعد‭ ‬نسبة‭ ‬ضئيلة‭ ‬للغاية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الإنجازات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬ترامب‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للجدل‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬وصوله‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قبل‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬وطيلة‭ ‬سنوات‭ ‬حكمه‭ ‬بأسلوبه‭ ‬غير‭ ‬التقليدي‭ ‬وكثرة‭ ‬لجوئه‭ ‬لأدوات‭ ‬غير‭ ‬معهودة‭ ‬مثل‭ ‬تويتر‭ ‬في‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬سياساته‭ ‬وقراراته،‭ ‬وعدم‭ ‬اعترافه‭ ‬وانسحابه‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بلاده‭ ‬طرفًا‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬شريكًا‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إليها‭ ‬مثل‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬للمناخ‭.‬

رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬والصفات‭ ‬التي‭ ‬اتسمت‭ ‬بها‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬ترامب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يحسب‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬دافعه‭ ‬ومحركه‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬المصالح‭ ‬الأميركية،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬ترامب‭ ‬بشعار‭ ‬“أميركا‭ ‬أولا”‭ ‬الذي‭ ‬رفعه‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬التزم‭ ‬به‭ ‬سواء‭ ‬اتفقنا‭ ‬أو‭ ‬اختلفنا‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬سياساته‭ ‬وقراراته‭ ‬وخصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بمنطقتنا‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬عمومًا،‭ ‬فترامب‭ ‬بالنهاية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معنيًا‭ ‬بتقييم‭ ‬الخارج‭ ‬أو‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬مثاليًا‭ ‬لهذا‭ ‬الخارج،‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يثق‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬بلاده،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الإرث‭ ‬الحقيقي‭ ‬والأهم‭ ‬لترامب،‭ ‬والذي‭ ‬دفعه‭ ‬لتحقيق‭ ‬نجاحات‭ ‬داخلية‭ ‬هائلة،‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬غير‭ ‬المألوف‭ ‬الذي‭ ‬أظهره‭ ‬ترامب‭ ‬برفضه‭ ‬الإقرار‭ ‬بنتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬وفوز‭ ‬بايدن‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انقسامات‭ ‬وتوتر‭ ‬داخلي‭ ‬وفوضى‭ ‬كبيرة‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬صورة‭ ‬لها‭ ‬باقتحام‭ ‬مبنى‭ ‬الكونجرس‭ ‬وهو‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬انتقص‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬بهاء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأميركية‭ ‬وأحدث‭ ‬ثقوبًا‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬جدرانها‭.‬