وصية الإمام شمس الدين للشيعة

| عبدالنبي الشعلة

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬قبل‭ ‬20‭ ‬عامًا‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬سماحة‭ ‬الإمام‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬مهدي‭ ‬شمس‭ ‬الدين،‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الإسلامي‭ ‬الشيعي‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬آنذاك،‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬مراجع‭ ‬الشيعة،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬أعلام‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬المعاصر،‭ ‬وقد‭ ‬تميز‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬التيارات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الفكرية‭ ‬والمعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬والمذهبية،‭ ‬كما‭ ‬تميز‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬الأحداث‭ ‬والتطورات،‭ ‬وجمع‭ ‬بين‭ ‬العقلية‭ ‬الفقهية‭ ‬المجددة،‭ ‬والعقلية‭ ‬السياسية‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬الروح‭ ‬الإسلامية‭ ‬السمحة‭ ‬المعتدلة،‭ ‬وقد‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬والحداثة،‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬جهود‭ ‬متميزة‭ ‬في‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬السنة‭ ‬والشيعة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

وفي‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬تطرقت‭ ‬إلى‭ ‬لقاءاتي‭ ‬به‭ ‬عندما‭ ‬زار‭ ‬البحرين‭ ‬وفي‭ ‬بيروت‭ ‬أيضًا‭ ‬حين‭ ‬كنت‭ ‬أتردد‭ ‬عليها‭ ‬بانتظام‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1995‭ ‬إلى‭ ‬2000؛‭ ‬لحضور‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنظمها‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬العربية،‭ ‬أو‭ ‬للاجتماع‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬بالمكتب‭ ‬الإقليمي‭ ‬لمنظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬الذي‭ ‬يتخذ‭ ‬من‭ ‬بيروت‭ ‬مقرًا‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مؤتمرات‭ ‬أو‭ ‬زيارات‭ ‬خاصة‭.‬

كان‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬مهدي‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬رجلا‭ ‬يحمل‭ ‬بين‭ ‬أضلعه‭ ‬وفي‭ ‬ثنايا‭ ‬وجدانه‭ ‬هَمَّ‭ ‬وطنه‭ ‬لبنان،‭ ‬وهَمَّ‭ ‬أمتيه‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وهَمَّ‭ ‬الشيعة،‭ ‬وكان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬كثير‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬العبر‭ ‬والدروس‭ ‬التي‭ ‬تمخضت‭ ‬عن‭ ‬المحنة‭ ‬التي‭ ‬كابدها‭ ‬لبنان‭ ‬أثناء‭ ‬وبعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬15‭ ‬عامًا،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬بإسهاب‭ ‬عن‭ ‬إيمانه‭ ‬بنظام‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية،‭ ‬وعن‭ ‬عدم‭ ‬اتفاقه‭ ‬مع‭ ‬فلسفة‭ ‬وتوجهات‭ ‬الثورة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬الإمام‭ ‬الخميني‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وكان‭ ‬يقف‭ ‬ضد‭ ‬مبدأ‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬الذي‭ ‬تبناه‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يؤمن‭ ‬أو‭ ‬يقبل‭ ‬أو‭ ‬يتقبل‭ ‬نظرية‭ ‬“ولاية‭ ‬الفقيه”،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬من‭ ‬تصدى‭ ‬لها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدرك‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬وسيلة‭ ‬لتركيز‭ ‬السلطات‭ ‬الفقهية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬فقيه‭ ‬واحد،‭ ‬ووجدها‭ ‬بدعة‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬أبرز‭ ‬أصول‭ ‬الفكر‭ ‬الشيعي‭ ‬الإمامي،‭ ‬وتجافي‭ ‬أساسياته‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تنوع‭ ‬الاجتهاد‭ ‬ومرجعياته‭ ‬وتعدد‭ ‬الفقهاء‭ ‬والمجتهدين‭ ‬الذين‭ ‬يختلفون‭ ‬وقد‭ ‬يتناقضون‭ ‬في‭ ‬رؤاهم‭ ‬وأطروحاتهم،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يؤمن‭ ‬بـ‭ ‬“نظرية‭ ‬ولاية‭ ‬الأمة‭ ‬على‭ ‬نفسها”‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬راضيًا‭ ‬عن‭ ‬النفوذ‭ ‬والوصاية‭ ‬السورية‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬اللبناني،‭ ‬ورفض‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬أمل‭ ‬الشيعية‭ ‬ضد‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والتي‭ ‬عرفت‭ ‬بحرب‭ ‬المخيمات،‭ ‬كما‭ ‬عارض‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬اختطه‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬منتقدًا‭ ‬تدخل‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬اللبناني؛‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬عرضة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الأذى‭ ‬والإساءة‭ ‬والتجريح‭ ‬والتنكيل‭.‬

وقد‭ ‬انتهز‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬مهدي‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬فرصة‭ ‬زيارته‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬التسعينات‭ ‬ليؤكد‭ ‬رسالته‭ ‬ونصيحته‭ ‬لشيعة‭ ‬البحرين‭ ‬بأن‭ ‬يستفيدوا‭ ‬ويتعلموا‭ ‬من‭ ‬كارثة‭ ‬لبنان،‭ ‬وأن‭ ‬يحرصوا‭ ‬ويحافظوا‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬بلادهم،‭ ‬ويحذروا‭ ‬من‭ ‬المزايدين‭ ‬ومن‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬ويتجنبوا‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬هاوية‭ ‬الإرهاب‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكاله،‭ ‬ويبتعدوا‭ ‬عن‭ ‬التقوقع‭ ‬والتمترس‭ ‬الطائفي،‭ ‬ويندمجوا‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم،‭ ‬ويحرصوا‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬انتمائهم‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬وولائهم‭ ‬له‭ ‬قولًا‭ ‬وعملًا‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬وقبل‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مستشفيات‭ ‬باريس،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يلفظ‭ ‬أنفاسه‭ ‬الأخيرة‭ ‬بأسبوعين،‭ ‬أخذ‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬مهدي‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬يملي‭ ‬“وصاياه”‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬وصية‭ ‬قصيرة‭ ‬لكنها‭ ‬جامعة‭ ‬ومعبرة،‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬“الشيعة”‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬هو‭ ‬بنفسه،‭ ‬أساسها‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬الأمة‭ ‬وتكاتفها،‭ ‬وقد‭ ‬كرر‭ ‬وأكد‭ ‬في‭ ‬وصيته‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬في‭ ‬البحرين؛‭ ‬أنقلها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تصرف‭ ‬ودون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تقديم‭ ‬أو‭ ‬تمهيد‭.‬

قال‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭: ‬أوصي‭ ‬أبنائي‭ ‬وإخواني‭ ‬الشيعة‭ ‬الإمامية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وطن‭ ‬من‭ ‬أوطانهم،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬من‭ ‬مجتمعاتهم،‭ ‬أن‭ ‬يدمجوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬أقوامهم‭ ‬وفي‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬وفي‭ ‬أوطانهم،‭ ‬وألا‭ ‬يميزوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬بأي‭ ‬تمييز‭ ‬خاص،‭ ‬وألا‭ ‬يخترعوا‭ ‬لأنفسهم‭ ‬مشروعًا‭ ‬خاصًا‭ ‬يميزهم‭ ‬عن‭ ‬غيرهم؛‭ ‬لأن‭ ‬المبدأ‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ - ‬وهو‭ ‬المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ ‬عليهم‭ ‬السلام‭ - ‬هو‭ ‬وحدة‭ ‬الأمة،‭ ‬التي‭ ‬تلازم‭ ‬وحدة‭ ‬المصلحة،‭ ‬ووحدة‭ ‬الأمة‭ ‬تقتضي‭ ‬الاندماج‭ ‬وعدم‭ ‬التمايز‭.‬

وأوصيهم‭ ‬بألا‭ ‬ينجروا‭ ‬وألا‭ ‬يندفعوا‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬دعوة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تميزهم‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ستار‭ ‬من‭ ‬العناوين،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬إنصافهم‭ ‬ورفع‭ ‬الظلامة‭ ‬عنهم،‭ ‬ومن‭ ‬قبيل‭ ‬كونهم‭ ‬أقلية‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬لها‭ ‬حقوق‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬سائر‭ ‬الأقليات‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الدعوات‭ ‬كانت‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬شرًا‭ ‬مطلقًا،‭ ‬عادت‭ ‬على‭ ‬الشيعة‭ ‬بأسوأ‭ ‬الظروف‭. ‬الشيعة‭ ‬يحسِّنون‭ ‬ظروف‭ ‬حياتهم‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬في‭ ‬مجتمعهم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اندماجهم‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوطني‭ ‬العام،‭ ‬والاجتماع‭ ‬الإسلامي‭ ‬العام،‭ ‬والاجتماع‭ ‬القومي‭ ‬العام،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬ولا‭ ‬يصح‭ ‬أن‭ ‬يحاولوا‭ - ‬حتى‭ ‬أمام‭ ‬ظلم‭ ‬الأنظمة‭ - ‬أن‭ ‬يقوموا‭ ‬بأنفسهم‭ ‬وحدهم‭ ‬وبمعزل‭ ‬عن‭ ‬قوى‭ ‬أقوامهم‭ ‬بمشاريع‭ ‬خاصة‭ ‬للتصحيح‭ ‬والتقويم؛‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬يعود‭ ‬عليهم‭ ‬بالضرر‭ ‬ولا‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأي‭ ‬نفع‭. ‬وقد‭ ‬جرت‭ ‬سيرة‭ ‬وسنة‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ (‬عليهم‭ ‬السلام‭) ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭. ‬

وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬أو‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬ظاهرة‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الشيعة‭ ‬العرب‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وبدائرة‭ ‬الشيعة‭ ‬بوجه‭ ‬عام،‭ ‬وهي‭ ‬إنشاء‭ ‬تكتلات‭ ‬حزبية‭ ‬سياسية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬لغرض‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقوق‭ ‬الشيعة،‭ ‬أو‭ ‬إظهار‭ ‬شخصية‭ ‬الشيعة،‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الشيعة‭. ‬وهذه‭ ‬التكوينات‭ - ‬بحسب‭ ‬رصدنا‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ - ‬لم‭ ‬تؤدِّ‭ ‬إلى‭ ‬أية‭ ‬نتيجة‭ ‬تذكر،‭ ‬بل‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأزمات،‭ ‬وعمقت‭ ‬الخوف‭ ‬والحذر‭ ‬وسوء‭ ‬الظن‭ ‬والتربص‭ ‬في‭ ‬أنفس‭ ‬بقية‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬طائفة‭ ‬الشيعة،‭ ‬وسعت‭ ‬نحو‭ ‬عزلهم‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬وعن‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬المصالح‭ ‬العامة‭.‬

هذه‭ ‬التكوينات‭ - ‬تارة‭ ‬يراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تكوينات‭ ‬ثقافية‭ ‬محضة،‭ ‬وهنا‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يغلب‭ ‬طابع‭ ‬المذهبية‭ ‬التمايزية،‭ ‬وإنما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬وحدوية‭ ‬إلى‭ ‬الأمة،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الجوامع‭ ‬المشتركة‭ - ‬وما‭ ‬أكثرها‭ - ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬المسلمين‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬ولا‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬خصوصيات‭ ‬التمايز‭ ‬وعلى‭ ‬خصوصيات‭ ‬التباين،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تجمعات‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬في‭ ‬نظرنا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بوجه‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق”‭. ‬انتهى‭ ‬النص‭ ‬المنقول‭.‬

وقد‭ ‬أملى‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬وصاياه‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬زيارته‭ ‬للبحرين‭ ‬وبعد‭ ‬استيعابه‭ ‬للحالة‭ ‬البحرينية،‭ ‬أملاها‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬الموت،‭ ‬يستعد‭ ‬إلى‭ ‬لقاء‭ ‬ربه،‭ ‬لا‭ ‬يبتغي‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬مرضاة‭ ‬الله‭ ‬وراحة‭ ‬الضمير،‭ ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الأيام‭ ‬والأحداث‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬حصيفًا‭ ‬وبصيرًا‭ ‬ومحقًا،‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭.‬