أهمية الأمن الاقتصادي

| رائد البصري

مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬يشتمل‭ ‬عامة‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬في‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الخضوع‭ ‬لأي‭ ‬ضرر،‭ ‬أو‭ ‬قوى‭ ‬قسرية‭ ‬خارجية،‭ ‬أو‭ ‬التهديد،‭ ‬لتوفير‭ ‬حياة‭ ‬آمنة‭ ‬لا‭ ‬يشوبها‭ ‬الخوف‭ ‬والفزع‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬العرض،‭ ‬أو‭ ‬الدين،‭ ‬أو‭ ‬الممتلكات‭ ‬وغيرها،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬كيانها‭ ‬المستقل‭ ‬وتغييرها‭ ‬الوظيفي‭ ‬ضد‭ ‬قوى‭ ‬التغيير‭ ‬المعادية،‭ ‬ويعود‭ ‬أصل‭ ‬الكلمة‭ ‬إلى‭ ‬اللاتينية،‭ ‬واشتقت‭ ‬من‭ ‬“secures”؛‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬القلق،‭ ‬ويمكن‭ ‬للأفراد‭ ‬وللدول‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقلالية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬أنظمة‭ ‬الحماية،‭ ‬والأنظمة‭ ‬التحذيرية‭ ‬كالرادارات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬واتباع‭ ‬إستراتيجيات‭ ‬وسياسات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬والبيئة‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬

ومفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يُعرف‭ ‬بعدة‭ ‬طرق؛‭ ‬فالبعض‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬أو‭ ‬الأسر‭ ‬المكونة‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬ككل‭ ‬من‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬الرئيسة‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬والغذاء‭ ‬والسكن‭ ‬الكريم‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية؛‭ ‬بطريقة‭ ‬تضمن‭ ‬لهم‭ ‬حفظ‭ ‬كرامتهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬عرفه‭ ‬آخرون‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع؛‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬سبل‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والحياة‭ ‬المستقرة‭ ‬لمواطنيها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬سبل‭ ‬وصول‭ ‬أفرادها‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬المادية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬معين،‭ ‬وبمفهوم‭ ‬أبسط؛‭ ‬فهو‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الفقر،‭ ‬وضمان‭ ‬شعوره‭ ‬بالطمأنينة‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬للقلق‭ ‬اتجاه‭ ‬احتياجاته‭ ‬المادية‭. ‬

ويعتمد‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تعريفه‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الرئيسة،‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬يأتي‭: ‬العنصر‭ ‬الأول‭ (‬الأمن‭ ‬الغذائي‭): ‬إذ‭ ‬يُعد‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يشتمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭ ‬بجانب‭ ‬الغذاء،‭ ‬لذا‭ ‬فإنه‭ ‬قدرة‭ ‬المجتمعات‭ ‬على‭ ‬تغطية‭ ‬المستويات‭ ‬الرئيسة‭ ‬اللازمة‭ ‬لغذاء‭ ‬أفرادها‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الدخل‭ ‬المتاح‭ ‬لهم،‭ ‬بطريقة‭ ‬تضمن‭ ‬لهم‭ ‬مستوى‭ ‬الكفاف؛‭ ‬ليستمر‭ ‬نمو‭ ‬المجتمعات‭ ‬وازدهارها‭. ‬أما‭ ‬العنصر‭ ‬الثاني‭ (‬العمل‭): ‬فهو‭ ‬يشكل‭ ‬مصدرًا‭ ‬ضروريًا‭ ‬ووسيلة‭ ‬أساسية‭ ‬لإشباع‭ ‬حاجات‭ ‬الأفراد،‭ ‬وترقية‭ ‬مستوى‭ ‬معيشتهم‭ ‬لرفعهم‭ ‬فوق‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭ ‬والجوع،‭ ‬وتحويل‭ ‬حالتهم‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬ولذلك‭ ‬كلما‭ ‬زادت‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬زاد‭ ‬فقرها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬وُصفت‭ ‬بأنها‭ ‬مجتمعات‭ ‬غير‭ ‬منتجة،‭ ‬وغير‭ ‬نامية،‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭. ‬العنصر‭ ‬الثالث‭ ‬استغلال‭ ‬ثروات‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضمان‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬لها،‭ ‬للاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬حدودها‭ ‬القصوى‭. ‬ورابعا‭ ‬الأمن‭ ‬الصحي‭: ‬كأن‭ ‬توفر‭ ‬الدولة‭ ‬لأفرادها‭ ‬العلاج‭ ‬المجاني،‭ ‬ووسائل‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الأمراض،‭ ‬مثل‭: ‬المطاعيم؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الصحية‭ ‬يتمتع‭ ‬أفرادها‭ ‬بالنشاط‭ ‬والقوة‭ ‬الكفيلان‭ ‬بالإنتاج‭ ‬والعمل‭ ‬وبالتالي‭ ‬الازدهار‭ ‬اقتصاديًا‭. ‬وأخيرا‭ ‬الأمن‭ ‬التكافلي‭: ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إيجاد‭ ‬حماية‭ ‬أو‭ ‬مظلة‭ ‬اجتماعية‭ ‬تضمن‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬للعاملين‭ ‬بعد‭ ‬إكمالهم‭ ‬لسنوات‭ ‬الخدمة،‭ ‬مثل‭: ‬استقطاع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬رواتب‭ ‬العاملين‭ ‬وإيداعها‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتعويضهم‭ ‬عند‭ ‬ترك‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الفصل‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬أو‭ ‬بلوغ‭ ‬سن‭ ‬التقاعد،‭ ‬أو‭ ‬العجز‭ ‬أو‭ ‬المرض‭ ‬أو‭ ‬الوفاة‭.‬