تلك العقول الراقية

| د.حورية الديري

ميلاد‭ ‬متجدد‭ ‬لأصحاب‭ ‬تلك‭ ‬العقول‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬لها‭ ‬قانونًا‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬يربطها‭ ‬بعهود‭ ‬صادقة‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬لظروفها‭ ‬بالتباطؤ‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬الجدولة‭ ‬والانطلاق،‭ ‬حيث‭ ‬تنأى‭ ‬بنفسها‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬ذاك‭ ‬الضجيج‭ ‬الذي‭ ‬تحدثه‭ ‬تصدعات‭ ‬تلك‭ ‬الجدران‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬المسار،‭ ‬وحتمًا‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تجعل‭ ‬لعامل‭ ‬الخصوصية‭ ‬السيطرة‭ ‬التامة‭ ‬طوال‭ ‬الطريق،‭ ‬كي‭ ‬تضمن‭ ‬ابتعادها‭ ‬عن‭ ‬مشتتات‭ ‬الحياة‭. ‬

هنا‭ ‬نقترب‭ ‬معًا‭ ‬نحو‭ ‬المقصود،‭ ‬لأننا‭ ‬جميعًا‭ ‬وباختصار‭ ‬شديد‭ ‬نمتلك‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المقومات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬عقولنا‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬التجدد،‭ ‬وصورة‭ ‬تقريبية‭ ‬أكثر،‭ ‬تأخذنا‭ ‬ناحية‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬اللامتناهية‭ ‬في‭ ‬مجدولة‭ ‬من‭ ‬الحبال‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬تاريخية‭ ‬ملهمة‭ ‬أطلقتها‭ ‬عقول‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬لتنظيم‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬الحياة،‭ ‬واستطاعت‭ ‬بما‭ ‬رسخت‭ ‬من‭ ‬قوانين‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬ما‭ ‬تريد،‭ ‬فلو‭ ‬تأملنا‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬الثنيات‭ ‬أو‭ ‬الخيوط‭ ‬التي‭ ‬تتطلبها‭ ‬مجدولة‭ ‬واحدة‭ ‬لصناعة‭ ‬حبل‭ ‬يقاوم‭ ‬الشد،‭ ‬لاستخدامه‭ ‬في‭ ‬أغراض‭ ‬السحب‭ ‬والرفع،‭ ‬لما‭ ‬ارتضينا‭ ‬لعقولنا‭ ‬مكانًا‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يحتضن‭ ‬العقول‭ ‬الراقية‭ ‬بما‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬رصانة‭ ‬وقوة،‭ ‬وهي‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬في‭ ‬الحبل‭ ‬سرًا‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ذلك‭ ‬الحبل‭ ‬المتين‭ ‬في‭ ‬تعقيداته،‭ ‬أجدله‭ ‬إنسان‭ ‬أتقن‭ ‬الصبر‭ ‬والعمل‭ ‬فأبت‭ ‬أن‭ ‬تكسره‭ ‬الحياة‭ ‬أو‭ ‬تخذله،‭ ‬فجاءت‭ ‬نتائج‭ ‬عمله‭ ‬ما‭ ‬تعاقبت‭ ‬عليه‭ ‬الحياة‭ ‬بقوانينها‭ ‬لتعطي‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المحفزات‭ ‬التنظيمية‭ ‬وتثبت‭ ‬لتلك‭ ‬العقول‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تبوء‭ ‬القدر‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬الرقي‭ ‬والمكانة‭ ‬التي‭ ‬تجعلها‭ ‬تتحرك‭ ‬دائمًا‭ ‬نحو‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭.‬

 

خلاصة‭ ‬القول‭ ‬هنا‭.. ‬إن‭ ‬العقول‭ ‬مستويات‭ ‬ووجودنا‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬نريد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬اختيارنا،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬شعرنا‭ ‬خلال‭ ‬الطريق‭ ‬بالرغبة‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬والانتقال‭ ‬لمستوى‭ ‬أفضل‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬سهل،‭ ‬نحتاج‭ ‬فقط‭ ‬لعملية‭ ‬شد‭ ‬قوية‭ ‬لحبل‭ ‬متين‭ ‬والتمسك‭ ‬بتعقيداته‭ ‬للكشف‭ ‬عما‭ ‬تحويه‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬مفتاحية،‭ ‬والسر‭ ‬هنا‭ ‬“فيما‭ ‬أجده‭ ‬أنا‭ ‬قد‭ ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬تجده‭ ‬أنت”،‭ ‬لكلينا‭ ‬طريقته‭ ‬في‭ ‬فك‭ ‬السر‭ ‬والعقدة‭ ‬ورسم‭ ‬المسير،‭ ‬بها‭ ‬ننتقل‭ ‬لجميع‭ ‬المستويات‭ ‬التي‭ ‬نريد‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬عهدنا‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬والقانون‭ ‬المبرم،‭ ‬وبهذا‭ ‬أعزائي‭ ‬القراء‭ ‬وإن‭ ‬اتفقتم‭ ‬معي‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬أرفع‭ ‬مستويات‭ ‬العقول،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬تسمى‭ ‬بأعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬الفكري‭.‬