استمرار الحالة العربية

| عبدعلي الغسرة

رحل‭ ‬عام‭ ‬2020م‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لطيفًا‭ ‬مع‭ ‬وطننا‭ ‬العربي،‭ ‬لا‭ ‬سياسيا‭ ‬ولا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬ولا‭ ‬اجتماعيًا،‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬شرقها‭ ‬إلى‭ ‬غربها‭ ‬أحداثا‭ ‬مُلتهبةً‭ ‬كعادة‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة،‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬الصراعات‭ ‬ومحاولة‭ ‬تغيير‭ ‬الجغرافيات‭ ‬بفعل‭ ‬التدخلات‭ ‬الأجنبية‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬النفوذ‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

لم‭ ‬تحقق‭ ‬أحداث‭ ‬2020م‭ ‬شيئًا‭ ‬إيجابيًا‭ ‬لوطننا‭ ‬العربي،‭ ‬ولن‭ ‬يتوقع‭ ‬في‭ ‬2021م‭ ‬رسم‭ ‬مشهد‭ ‬حياة‭ ‬جديد،‭ ‬حياة‭ ‬يُحافظ‭ ‬فيها‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬سيادته‭ ‬القومية‭ ‬وسط‭ ‬عالم‭ ‬مخيف‭ ‬وشرس‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬والتحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬جديد‭ ‬تأمل‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬تحولات‭ ‬جديدة،‭ ‬وهي‭ ‬أمنيات‭ ‬قديمة‭ ‬تتجدد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فالدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬شرقية‭ ‬وغربية‭ ‬تتقدم‭ ‬وتزدهر،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تتعمق‭ ‬اختراقات‭ ‬هؤلاء‭ ‬لأرضنا،‭ ‬ما‭ ‬يُهدد‭ ‬وجودنا‭ ‬وإنسانية‭ ‬شعبنا‭ ‬العربي‭ ‬وتنساب‭ ‬ثرواتنا‭ ‬لاقتصادهم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬وممارسة‭ ‬دوره‭ ‬الحضاري‭ ‬النهضوي،‭ ‬إنها‭ ‬المطامع‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬والصراعات‭ ‬التي‭ ‬تتوسع،‭ ‬والصفقات‭ ‬التي‭ ‬تنعقد‭ ‬بين‭ ‬الكبار‭ ‬وتدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬أمتنا‭. ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬مؤشر‭ ‬يُبشر‭ ‬بالخير‭ ‬لأرضنا‭ ‬المُلتهبة‭ ‬أحداثًا،‭ ‬فعام‭ ‬2021م‭ ‬يواصل‭ ‬مسيرة‭ ‬سلفه‭ ‬من‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة،‭ ‬باستمرار‭ ‬الزمن‭ ‬العربي‭ ‬الصعب،‭ ‬وساهمت‭ ‬الأحداث‭ ‬المتوالية‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تركيب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬عربيًا‭ ‬وإقليميًا،‭ ‬فالحلول‭ ‬والبرامج‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬وينفذها‭ ‬الكبار‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حلًا‭ ‬لمشاكل‭ ‬أمتنا،‭ ‬إنما‭ ‬عمقت‭ ‬انسياب‭ ‬الثروات‭ ‬العربية‭ ‬لتذويب‭ ‬ما‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬روابط‭ ‬اجتماعية‭ ‬وتاريخية‭ ‬ودينية‭.‬

ستبقى‭ ‬أرضنا‭ ‬مسرحًا‭ ‬خصبًا‭ ‬للنفوذ‭ ‬والصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬فالقوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأجنبية‭ ‬لن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬أرضنا،‭ ‬وستبقى‭ ‬لحمايةً‭ ‬مصالحها‭ ‬وتثبيت‭ ‬نفوذها،‭ ‬فالحروب‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬وأحداث‭ ‬لبنان‭ ‬شنت‭ ‬وخطط‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬بهدف‭ ‬تأسيس‭ ‬مركز‭ ‬لوجيستي‭ ‬أرضي‭ ‬وبحري‭ ‬وجوي‭ ‬يحمي‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬الغربية‭.‬