سوالف

السجون القطرية تفوق منافي سيبيريا

| أسامة الماجد

أعرف‭ ‬محمد‭ ‬يوسف‭ ‬الدوسري‭ ‬الذي‭ ‬اعتقله‭ ‬حرس‭ ‬الحدود‭ ‬القطرية‭ ‬مع‭ ‬ابن‭ ‬خالته‭ ‬البطل‭ ‬سامي‭ ‬الحداد‭ ‬داخل‭ ‬المياه‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬الحدود‭ ‬القطرية،‭ ‬والذي‭ ‬عاد‭ ‬مؤخرا‭ ‬بذكريات‭ ‬سيئة‭ ‬عن‭ ‬السجون‭ ‬القطرية‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قسوة‭ ‬وتعنت‭ ‬وحط‭ ‬من‭ ‬كرامة‭ ‬المعتقل،‭ ‬فمحمد‭ ‬جاري‭ ‬منذ‭ ‬السبعينات‭ ‬وبمثابة‭ ‬أخ‭ ‬صغير،‭ ‬ومنزلهم‭ ‬ملاصق‭ ‬لمنزلنا‭ ‬تماما،‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬سمعت‭ ‬خبر‭ ‬توقيفهم‭ ‬واعتقالهم،‭ ‬كبقية‭ ‬البحارة‭ ‬الذين‭ ‬تحاربهم‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬أرزاقهم،‭ ‬قلت‭ ‬إنهم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الصبر،‭ ‬والصبر‭ ‬فقط،‭ ‬تماما‭ ‬كصبر‭ ‬أيوب‭ ‬على‭ ‬بلواه،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬يفتقد‭ ‬الصبر‭ ‬تنهار‭ ‬عزيمته،‭ ‬ومن‭ ‬انهارت‭ ‬عزيمته‭ ‬مات‭ ‬وهو‭ ‬حي‭ ‬يتنفس،‭ ‬لقد‭ ‬مر‭ ‬أهل‭ ‬محمد‭ ‬بحالة‭ ‬نفسية‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬الله‭.‬

لقد‭ ‬أثبت‭ ‬حرس‭ ‬الحدود‭ ‬القطرية‭ ‬أنهم‭ ‬قراصنة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬ولا‭ ‬يعترفون‭ ‬باتفاقيات‭ ‬وأعراف‭ ‬دولية‭ ‬ويتعمدون‭ ‬الترصد‭ ‬للبحارة‭ ‬البحرينيين‭ ‬ومضايقتهم‭ ‬وإهانتهم،‭ ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬عقولهم‭ ‬المريضة‭ ‬وتربيتهم‭ ‬السادية‭ ‬وضميرهم‭ ‬الميت‭ ‬ولؤمهم‭ ‬المقيت،‭ ‬والغريب‭ ‬والمحير‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬الظلامية‭ ‬الموجهة‭ ‬ضد‭ ‬البحارة‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شقيقة‭ ‬وتجمعنا‭ ‬معها‭ ‬أواصر‭ ‬الدم‭ ‬والنسب‭ ‬ووشائج‭ ‬القربى،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬حقيقة‭ ‬لغاية‭ ‬اليوم‭ ‬كيف‭ ‬تنظر‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬كلمة‭ ‬التكامل‭ ‬والتماسك‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬والأخوة‭ ‬والجيرة،‭ ‬وماذا‭ ‬تعلم‭ ‬أبناءها‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬هل‭ ‬تعلمهم‭ ‬“خليجنا‭ ‬واحد‭ ‬وشعبنا‭ ‬واحد”‭ ‬وهي‭ ‬تطعن‭ ‬الأخ‭ ‬في‭ ‬ظهره‭ ‬وتسمعه‭ ‬ألفاظا‭ ‬وعبارات‭ ‬وشعارات‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التقاليد‭ ‬والثقافة‭ ‬الخليجية‭ ‬وبعيدة‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬العروبة‭.‬

ما‭ ‬ذكره‭ ‬البحارة‭ ‬العائدون‭ ‬في‭ ‬الفيديو‭ ‬المصور‭ ‬لـ‭ ‬“البلاد”‭ ‬وبقية‭ ‬الصحف‭ ‬الزميلة‭ ‬يتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الرهبة‭ ‬والبشاعة‭ ‬والهمجية‭ ‬–‭ ‬بل‭ ‬يفوق‭ ‬منافي‭ ‬سيبيريا‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬القيصري‭ - ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬الكاتب‭ ‬الروسي‭ ‬ديستوفيسكي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬“بيت‭ ‬الموتى”،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬كذلك‭ ‬معتقلات‭ ‬النازية‭ ‬الشهيرة‭ ‬قبل‭ ‬وإبان‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬فبدل‭ ‬المعاملة‭ ‬الحسنة‭ ‬للجار‭ ‬وتأمين‭ ‬حقوقه‭ ‬يعاملونه‭ ‬بقسوة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬نفسيته،‭ ‬وتحطم‭ ‬أعصابه‭.‬

ليتني‭ ‬أجد‭ ‬جوابا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭... ‬لماذا‭ ‬تفعل‭ ‬قطر‭ ‬كل‭ ‬ذلك؟‭.‬