فجر جديد

تجار اللحم والدم

| إبراهيم النهام

في‭ ‬المواقف‭ ‬تبرز‭ ‬معادن‭ ‬الرجال،‭ ‬مقولة‭ ‬تضع‭ ‬النقاط‭ ‬على‭ ‬الحروف،‭ ‬وتوجز‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬أولادنا‭ ‬سنوات‭ ‬ضوئية‭ ‬من‭ ‬التعلم‭ ‬والفهم‭ ‬وتذوق‭ ‬التجربة‭ ‬اليومية‭ ‬والميدانية‭ ‬التي‭ ‬تصقل‭ ‬الشخصية،‭ ‬وتوضح‭ ‬للفرد‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يفعل،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬بخلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬من‭ ‬يجدون‭ ‬بالوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الوطن‭ ‬والقيادة‭ ‬والدين‭ ‬والشرف‭ ‬والسمعة‭ ‬والعرض،‭ ‬أمراً‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للحسابات‭ ‬النفعية،‭ ‬أو‭ ‬الفصال‭ ‬قيد‭ ‬شعرة،‭ ‬أو‭ ‬التفكير،‭ ‬مجرد‭ ‬التفكير،‭ ‬بالثمار‭ ‬الشخصية‭ ‬المتمخضة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬والجهود‭.‬

يجدون‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬لأجل‭ ‬البحرين،‭ ‬وتقديم‭ ‬كل‭ ‬ملاحم‭ ‬ومفاهيم‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء،‭ ‬الغاية‭ ‬والهدف‭ ‬والمنى،‭ ‬بعيداً‭ ‬عما‭ ‬يتشدق‭ ‬به‭ ‬مثبطو‭ ‬العزيمة،‭ ‬وتجار‭ ‬الكلمة،‭ ‬وبائعو‭ ‬الذمم،‭ ‬واللحم‭ ‬والدم،‭ ‬وأن‭ ‬الوطنية‭ ‬هي‭ ‬الإرث‭ ‬الذي‭ ‬سيخلفونه‭ ‬لأولادهم،‭ ‬والذين‭ ‬سيقولون‭ ‬على‭ ‬مسامع‭ ‬أصحابهم‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬“هذه‭ ‬مواقف‭ ‬أبي‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬يصمت‭ ‬الآخرون”‭.‬

حين‭ ‬حدثت‭ ‬أزمة‭ ‬2011‭ ‬برزت‭ ‬شخصيات،‭ ‬وانكبت‭ ‬شخصيات‭ ‬على‭ ‬وجهها،‭ ‬كأكياس‭ ‬القمامة‭ ‬العفنة،‭ ‬وحين‭ ‬حدث‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬قطر،‭ ‬تكرر‭ ‬ذات‭ ‬السيناريو،‭ ‬بشخصيات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وطين‭ ‬واحد،‭ ‬لا‭ ‬يخطو‭ ‬أحدهم‭ ‬خطوة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬الا‭ ‬ولديه‭ ‬آلة‭ ‬حسابية،‭ ‬تحدد‭ ‬له‭ ‬بـ‭ ‬”الإنش”‭ ‬موازين‭ ‬المنفعة‭ ‬الشخصية،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الوطن،‭ ‬ونداءاته‭ ‬وأوجاعه‭.‬

نؤمن‭ ‬جيداً‭ ‬بأن‭ ‬العطاء‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬دوماً‭ ‬الأخذ‭ ‬وأن‭ ‬التضحية‭ ‬والخسارة‭ ‬لأجل‭ ‬الآخرين‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬“الخسارة”‭ ‬بمعناها‭ ‬الحرفي،‭ ‬وأنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬ترحيل‭ ‬للأجر‭ ‬والرضا‭ ‬الرباني،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬سيأتي‭ ‬بخير‭ ‬كثير،‭ ‬يفوق‭ ‬الإدراك،‭ ‬والرؤية‭ ‬الضيقة‭ ‬بكثير،‭ ‬لكنه‭ ‬يتطلب‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الانتظار‭.‬

لا‭ ‬مزايدة‭ ‬على‭ ‬الوطن،‭ ‬والوطنية،‭ ‬ورجالات‭ ‬الوطن‭ ‬الأوفياء،‭ ‬وتظل‭ ‬البحرين‭ ‬ولادة‭ ‬للرجال،‭ ‬والأبطال،‭ ‬وشهداء‭ ‬الموقف‭ ‬والواجب‭ ‬والكلمة،‭ ‬وإلى‭ ‬فجر‭ ‬جديد‭.‬