أصدق صور المحبة للراحل الكبير خليفة بن سلمان

| عادل عيسى المرزوق

ليس‭ ‬مستغربًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬أن‭ ‬تلتقي‭ ‬بأحد‭ ‬الأحبّة،‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬قرابة‭ ‬الشهرين‭ ‬على‭ ‬رحيل‭ ‬فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬الكبير‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬لترى‭ ‬الدموع‭ ‬تترقرق‭ ‬في‭ ‬عينيه‭ ‬والدعاء‭ ‬على‭ ‬لسانه‭ ‬ومن‭ ‬أعماق‭ ‬قلبه‭ ‬بالمغفرة‭ ‬والرحمة‭ ‬والرضوان‭ ‬والجنان‭ ‬للراحل‭ ‬“بو‭ ‬علي”،‭ ‬وتجد‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يستذكر‭ ‬الكثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الكريمة‭ ‬النبيلة‭ ‬مع‭ ‬رجل‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬الأب‭ ‬الحنون‭ ‬لجميع‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭.‬

صور‭ ‬المحبة‭ ‬الصادقة‭ ‬لفقيد‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬مجد‭ ‬الوطن‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”،‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعددة‭ ‬الأوجه،‭ ‬وأصدقها‭ ‬وأقربها‭ ‬إلى‭ ‬القلوب‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬ومن‭ ‬البسطاء‭ ‬ممن‭ ‬أحبوا‭ ‬“بوعلي”‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلتقوا‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مكانته‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الناس‭ ‬تجذّرت‭ ‬من‭ ‬عطائه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نختصره‭ ‬في‭ ‬سطور‭ ‬قليلة،‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬عاضد‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أسس‭ ‬صرح‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة،‭ ‬وهو‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬العون‭ ‬والسند‭ ‬لعاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬انطلاق‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الكبير‭ ‬لجلالته،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬اللقاءت‭ ‬والمحافل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬يمثل‭ ‬استشرافًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لمستقبل‭ ‬مشرق‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها‭ ‬الكريم‭ ‬وإنجازاتها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭.‬

واحدة‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬المحبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬عنها‭ ‬الكثيرون،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمواطنات‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬ينقطعوا‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬لإهداء‭ ‬الثواب‭ ‬إلى‭ ‬روح‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬فهذه‭ ‬مواطنة‭ ‬تخصص‭ ‬ختمة‭ ‬قرآنية‭ ‬بمشاركة‭ ‬مواطنات‭ ‬أخريات‭ ‬ويهدين‭ ‬ثوابها‭ ‬إلى‭ ‬روح‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”،‭ ‬وهذا‭ ‬مواطن‭ ‬يخصص‭ ‬صدقة‭ ‬جارية‭ ‬لأعمال‭ ‬الخير‭ ‬ومساعدة‭ ‬الأسر‭ ‬المحتاجة،‭ ‬أو‭ ‬بالمساهمة‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬وحلقات‭ ‬الدرس‭ ‬والدعاء‭ ‬ويهدي‭ ‬ثواب‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬للراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬وربما‭ ‬غيرها‭ ‬الكثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬إهداءات‭ ‬الثواب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬بها‭ ‬لأنه‭ ‬خالصة‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬وتبقى‭ ‬سرًّا‭ ‬بين‭ ‬فاعلها‭ ‬وربه،‭ ‬لكنها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬أنبل‭ ‬مصاديق‭ ‬المحبة،‭ ‬وهكذا‭ ‬هم‭ ‬القادة‭ ‬الراحلون‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا،‭ ‬يتركون‭ ‬الأثر‭ ‬الطيب‭ ‬النبيل‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس‭ ‬ليبقى‭ ‬ذكرهم‭ ‬مشفوعًا‭ ‬بالدعوات‭ ‬والصلوات‭ ‬وأعمال‭ ‬البر‭ ‬والإحسان‭ ‬وإهداء‭ ‬الثواب،‭ ‬فأحوج‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الراحلون‭ ‬إلى‭ ‬الدعاء‭ ‬بالرحمة‭ ‬والمغفرة‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬القرار‭.‬

وحقيقة،‭ ‬هذا‭ ‬الحزن‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ماثلًا‭ ‬في‭ ‬أفئدتنا‭ ‬على‭ ‬فراق‭ ‬“بوعلي”‭ ‬تغمده‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬واسع‭ ‬جناته،‭ ‬ليس‭ ‬اعتراضًا‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وقضائه‭ ‬وقدره،‭ ‬فلكل‭ ‬أجل‭ ‬كتاب،‭ ‬وهذه‭ ‬مشيئة‭ ‬الله‭ ‬وقضاؤه‭ ‬وقدره‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬رادّ‭ ‬لأمره،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬فراق‭ ‬الأحبة‭ ‬يبقى‭ ‬أمدًا‭ ‬من‭ ‬الدهر‭ ‬مرهونًا‭ ‬بالأحاسيس‭ ‬المشاعر‭ ‬المخلصة،‭ ‬وهذا‭ ‬الغرس‭ ‬يثمر‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬المحبين،‭ ‬لأن‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات‭ ‬والأعمار،‭ ‬وبلا‭ ‬ريب،‭ ‬يحملون‭ ‬العرفان‭ ‬والامتنان‭ ‬للراحل‭ ‬الكبير‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”‭ ‬لما‭ ‬بذله‭ ‬من‭ ‬مسيرة‭ ‬معطرة‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬ناحية‭ ‬وزاوية‭ ‬وركن‭ ‬ومرفق،‭ ‬تجد‭ ‬بصمات‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”‭ ‬لتبقى‭ ‬شاهدًا‭ ‬يخلد‭ ‬ذكراه‭ ‬وبالتالي،‭ ‬تتخلد‭ ‬محبته‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬جميعًا‭.‬

والحال‭ ‬كذلك،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أسمى‭ ‬وأصدق‭ ‬من‭ ‬الدعوات‭ ‬بالرحمة‭ ‬والغفران‭ ‬التي‭ ‬تلهج‭ ‬بها‭ ‬القلوب‭ ‬وترتفع‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬ابتهالًا‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لأن‭ ‬يتغمد‭ ‬فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬برحمته‭ ‬وجنانه‭ ‬ورضوانه،‭ ‬ويتغمد‭ ‬موتى‭ ‬المسلمين‭ ‬أجمعين‭.. ‬فيا‭ ‬أيها‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬نم‭ ‬قرير‭ ‬العين‭.. ‬فأبناؤك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الطيب،‭ ‬يضمونك‭ ‬في‭ ‬قلوبهم‭ ‬وأرواحهم،‭ ‬ويسيرون‭ ‬على‭ ‬نهجك‭ ‬ويمتثلون‭ ‬وصاياك‭ ‬بأن‭ ‬يضع‭ ‬الجميع‭ ‬“البحرين”‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفعة‭ ‬شأنها‭ ‬وإعلاء‭ ‬بيرقها‭ ‬أسمى‭ ‬الأهداف،‭ ‬ودروسك‭ ‬يا‭ ‬“أبا‭ ‬علي”،‭ ‬تبقى‭ ‬مدونة‭ ‬خالدة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الوطن‭ ‬العظيم‭.‬