عشرة أيام هزت العالم

| رضي السماك

قبل‭ ‬قرن‭ ‬كامل‭ ‬بالتمام؛‭ ‬وتحديداً‭ ‬أواخر‭ ‬العقد‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الآفل‭ ‬دوّن‭ ‬الكاتب‭ ‬الصحافي‭ ‬الأميركي‭ ‬الشهير‭ ‬ذو‭ ‬الميول‭ ‬اليسارية‭ ‬جون‭ ‬ريد‭ ‬تفاصيل‭ ‬أحداث‭ ‬العشرة‭ ‬أيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬نجاح‭ ‬ثورة‭ ‬أكتوبر‭ ‬البلشفية‭ ‬1917،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬شاهداً‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬روسيا‭ ‬القيصرية،‭ ‬ثم‭ ‬أصدرها‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬عام‭ ‬1919‭ ‬بعنوان‭ ‬“عشرة‭ ‬أيام‭ ‬هزت‭ ‬العالم”،‭ ‬لكنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬توفي‭ ‬في‭ ‬1920‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬مضاعفات‭ ‬إصابته‭ ‬بجائحة‭ ‬التيفوس‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬إبان‭ ‬خوضها‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬وظل‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أهم‭ ‬مرجع‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬غيرت‭ ‬مجرى‭ ‬تاريخ‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬حتى‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬مطلع‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭ ‬منه،‭ ‬وتُرجم‭ ‬إلى‭ ‬لغات‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬العربية،‭ ‬وكانت‭ ‬آخر‭ ‬طبعة‭ ‬صدرت‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬فقط‭ ‬للباحث‭ ‬اللبناني‭ ‬فواز‭ ‬طرابلسي‭. ‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬السابق‭ ‬لأوانه‭ ‬تشبيه‭ ‬الأحداث‭ ‬الجسام‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العشرة‭ ‬أيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬منذ‭ ‬اقتحام‭ ‬أنصار‭ ‬ترامب‭ ‬مبنى‭ ‬الكابيتول‭ ‬“الكونجرس”‭ ‬في‭ ‬الأربعاء‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الماضي‭ ‬6‭ ‬يناير‭ ‬حتى‭ ‬يومنا،‭ ‬والحبل‭ ‬على‭ ‬الغارب،‭ ‬بالعشرة‭ ‬أيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الثورة‭ ‬الروسية،‭ ‬فإنها‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬تُعد‭ ‬أحداثاً‭ ‬بالغة‭ ‬الخطورة‭ ‬هزت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والعالم‭ ‬بأسره؛‭ ‬وأنها‭ ‬تنبئ‭ ‬بدخول‭ ‬أقوى‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬في‭ ‬منعطف‭ ‬تاريخي‭ ‬حاسم‭ ‬قد‭ ‬يطول‭ ‬ويصعب‭ ‬التنبؤ‭ ‬بمآلاته‭ ‬الآن،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬باجتيازه‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬أميركا‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬عرفناها‭ ‬بقوتها‭ ‬العظمى‭ ‬وجبروتها‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬العالم؛‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬أيضاً‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬بثوابت‭ ‬سياساتها‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬المعهودة؛‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬التاريخ‭ ‬سيشهد‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬الجمهوري‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬خسر‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة‭ ‬انتهى‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬كندٍ‭ ‬معاد‭ ‬للقوة‭ ‬السوفييتية‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬ثم‭ ‬كقوة‭ ‬متفردة‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬ولعل‭ ‬المتمعن‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬العشرة‭ ‬أيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬خلصنا‭ ‬إليه‭.‬