ما وراء الحقيقة

أحزاب الغرب والعرب

| د. طارق آل شيخان الشمري

عندما‭ ‬ثار‭ ‬فلاسفة‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مبادئ‭ ‬وتعاليم‭ ‬الكنيسة‭ ‬المقدسة‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة،‭ ‬كان‭ ‬همهم‭ ‬إيجاد‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬وحياة‭ ‬جديدة‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬مجاميع‭ ‬أوروبا‭ ‬وتفرعاتها‭ ‬سواء‭ ‬بالأميركيتين‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أوقانوسيا،‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬لهم‭ ‬حاضرا‭ ‬ومستقبلا‭ ‬يراعي‭ ‬تطلعاتهم‭ ‬وآمالهم‭ ‬وأحلامهم‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬من‭ ‬العصر‭ ‬الظلامي‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬التنوير‭ ‬والإبداع،‭ ‬حسب‭ ‬رؤيتهم‭. ‬لهذا‭ ‬نسف‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفلاسفة‭ ‬ومن‭ ‬جاء‭ ‬بعدهم،‭ ‬كل‭ ‬نظريات‭ ‬الكنيسة‭ ‬السابقة‭ ‬واستبدلوها‭ ‬بنظم‭ ‬جديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بإدارة‭ ‬الدولة‭ ‬وحرية‭ ‬الأديان‭ ‬والتعبير‭ ‬والعمل‭ ‬والعدل‭ ‬والمساواة‭ ‬وتشكيل‭ ‬الروابط‭ ‬والأحزاب‭.‬

وقضية‭ ‬تشكيل‭ ‬الأحزاب‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬المعترك‭ ‬السياسي‭ ‬بالغرب‭ ‬كفلها‭ ‬الدستور‭ ‬الغربي‭ ‬وفق‭ ‬ضوابط‭ ‬متعارف‭ ‬عليها‭ ‬وخطوط‭ ‬حمراء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزها،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬لهذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬هو‭ ‬مصلحة‭ ‬الدولة‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا،‭ ‬ونجاح‭ ‬أي‭ ‬حزب‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬بتحقيق‭ ‬مصلحة‭ ‬الدولة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬بكل‭ ‬شرائحه،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تجعل‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬يكسب‭ ‬ثقة‭ ‬الناخبين‭ ‬للفوز‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بالانتخابات،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬هدف‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬إنه‭ ‬مبدأ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزه‭ ‬أو‭ ‬المساس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الولاء‭ ‬للدولة‭ ‬والوطن‭ ‬قبل‭ ‬الولاء‭ ‬للحزب،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬اقتراب‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬بتاتا‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬والولاء‭ ‬لجهات‭ ‬خارجية‭.‬

أما‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬فالوضع‭ ‬يختلف‭ ‬جذريا،‭ ‬فالهدف‭ ‬الأول‭ ‬لهذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬تحقيق‭ ‬مصلحة‭ ‬وآيديولوجية‭ ‬الحزب‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬مصلحة‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬ثانيا،‭ ‬ومصلحة‭ ‬الحزب‭ ‬الآيديولوجية‭ ‬تعني‭ ‬مفهوما‭ ‬واحدا‭ ‬وهو‭ ‬العمالة‭ ‬لجهات‭ ‬خارجية‭ ‬تتبنى‭ ‬هذه‭ ‬الآيديولوجية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الوضع‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬الموالية‭ ‬للآيديولوجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬كحزب‭ ‬الله‭ ‬أو‭ ‬الحوثي‭ ‬أو‭ ‬التنظيمات‭ ‬الموجودة‭ ‬بالعراق،‭ ‬أو‭ ‬كالإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وولائه‭ ‬لتركيا‭ ‬وإيران،‭ ‬أو‭ ‬كأحزاب‭ ‬الليبرالية‭ ‬العميلة‭ ‬للجهات‭ ‬الغربية،‭ ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتنظيمات‭ ‬والتكتلات‭ ‬الموجودة‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭.‬

الخلاصة‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الأحزاب‭ ‬الغربية‭ ‬موالية‭ ‬لوطنها‭ ‬بنسبة‭ ‬99‭.‬99‭ % ‬فإن‭ ‬نسبة‭ ‬عمالة‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬للجهات‭ ‬الخارجية‭ ‬هي‭ ‬99‭.‬99‭ %‬،‭ ‬وانظروا‭ ‬لكل‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬بالماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬لتتأكدوا‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭.‬