المارد التقني الصيني

| د. جاسم حاجي

تساءل‭ ‬كثيرون‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬نجاح‭ ‬شركة‭ ‬هواوي‭ (‬Huawei‭)‬،‭ ‬وكيف‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬معظم‭ ‬أقرانها‭ ‬الصينيين‭ ‬والغربيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬أكبر‭ ‬شركة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬قطاعاتها،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬تقدم‭ ‬الصين‭ ‬وإصلاحاتها‭ ‬المؤسسية‭ ‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لنجاح‭ ‬الشركة،‭ ‬لأن‭ ‬شركة‭ ‬هواوي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬نفسها‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬البيئة‭ ‬مناسبة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬وتحت‭ ‬نفس‭ ‬الظروف،‭ ‬أتت‭ ‬ورحلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬شركة‭ ‬اتصالات‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شنجن‭ (‬Shenzhen‭)‬،‭ ‬نموذج‭ ‬الاختبار‭ ‬للإصلاح،‭ ‬بدأت‭ ‬خمس‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬ست‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬الصينية‭ ‬قيمةً،‭ ‬باستثناء‭ ‬هواوي‭ ‬كشركات‭ ‬مملوكة‭ ‬للدولة‭.‬

منذ‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬فصاعدًا،‭ ‬انجرفت‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬التنمية‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية،‭ ‬وكانت‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬مثل‭ ‬السفن،‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬يتم‭ ‬رفعها‭ ‬وحملها‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الطريق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الزخم‭ ‬الهائل‭ ‬للموجة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬انقلب‭ ‬البعض‭ ‬وتم‭ ‬ابتلاعه،‭ ‬بينما‭ ‬انجرف‭ ‬معظمهم‭ ‬مع‭ ‬التيار،‭ ‬وتحطم‭ ‬آخرون‭ ‬أمام‭ ‬حواجز‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬تقطعت‭ ‬بهم‭ ‬السبل‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬مهجورة،‭ ‬فقط‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬منهم‭ ‬صعد‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬الموجة‭ ‬ونجا،‭ ‬وأبحر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬نحو‭ ‬أراضٍ‭ ‬جديدة،‭ ‬وهكذا‭ ‬كشفت‭ ‬العلاقة‭ ‬المعقدة‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬القدر‭ ‬والهدف،‭ ‬الصدفة‭ ‬والضرورة،‭ ‬والانتهازية‭ ‬والتفاني‭ ‬عن‭ ‬وجوهها‭ ‬المتعددة‭.‬

على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الانفتاح،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬قصص‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬عن‭ ‬الصعود‭ ‬والانحدار‭ ‬والسقوط‭ ‬المؤلم‭ ‬للشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬حيث‭ ‬تصطف‭ ‬جثثها‭ ‬العديدة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التحول،‭ ‬إذا،‭ ‬كيف‭ ‬انتهى‭ ‬المطاف‭ ‬بزورق‭ ‬صغير‭ ‬مثل‭ ‬شركة‭ ‬هواوي‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬إلى‭ ‬سفينة‭ ‬محيط‭ ‬ضخمة؟‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬قوة‭ ‬غامضة‭ ‬وراء‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر؟‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬نسخ‭ ‬نجاحها؟‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬أو‭ ‬خارجه،‭ ‬يوجد‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وعلماء‭ ‬الإدارة‭ ‬المهتمين‭ ‬بشدة‭ ‬أيضًا‭ ‬بتشريح‭ ‬هذه‭ ‬“العينة”‭ ‬من‭ ‬الشرق‭.‬

لدى‭ ‬شركة‭ ‬هواوي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17000‭ ‬موظف،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المهارة‭ ‬المعرفية،‭ ‬وتكثر‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬استطاعت‭ ‬هذه‭ ‬الشركة‭ ‬القيام‭ ‬بتوحيد‭ ‬وتوافق‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬الأفراد،‭ ‬كيف‭ ‬شجعتهم‭ ‬شركة‭ ‬هواوي‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬كواحد،‭ ‬وإفساح‭ ‬المجال‭ ‬كاملاً‭ ‬لقدراتهم‭ ‬وإمكاناتهم؟‭ ‬كيف‭ ‬استطاع‭ ‬مؤسسهم،‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬تشبيهه‭ ‬بالزعيم‭ ‬الروحي‭ ‬للشركة،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬سوى‭ ‬1‭.‬42‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬شركة‭ ‬هواوي،‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬سلطته‭ ‬داخل‭ ‬الشركة؟‭ ‬وكيف‭ ‬احتفظ‭ ‬بها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن؟‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬سوف‭ ‬تكشف‭ ‬سر‭ ‬نجاح‭ ‬شركة‭ ‬هواوي‭.‬