يا قطر ... “زفارة” الأسماك ولا رائحة البارود

| السيد جميل بن محمد

يقال‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬السياسة‭: ‬إنها‭ ‬فن‭ ‬الممكن‭.‬ وإن‭ ‬الجنوح‭ ‬لتفعيل‭ ‬دق‭ ‬طبول‭ ‬الحرب‭ ‬واختلاق‭ ‬الأزمات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لظروف‭ ‬المنطقة‭ ‬محليا‭ ‬وإقليميا‭ ‬هو‭  ‬سياسة‭ ‬هوجاء‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬النظرة‭ ‬الثاقبة‭ ‬لأصحاب‭ ‬القرار‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نعانيه‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬وعايناه‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭ ‬مع‭ ‬الجارة‭ ‬قطر‭ ‬مع‭ ‬أخذنا‭ ‬بسياسة‭ ‬النفس‭ ‬الطويل‭ ‬التي‭ ‬اختطتها‭ ‬القيادة‭ ‬السياسة‭ ‬سابقا‭ ‬ودأبت‭ ‬عليها‭ ‬اليوم‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬ممثلة‭ ‬بحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين‭ ‬ورئيس‭ ‬وزرائه‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظهما‭ ‬الله‭ ‬ورعاهما‭ ‬من‭ ‬تحكيم‭ ‬العقلانية‭ ‬ورأب‭ ‬الصدع‭ ‬ومد‭ ‬جسور‭ ‬التواصل‭ ‬لحل‭ ‬القضايا‭ ‬العالقة؛‭ ‬منعا‭ ‬للتوترات‭ ‬والتشنجات‭ ‬التي‭ ‬تزعزع‭ ‬أواصر‭ ‬الجيرة‭ ‬والأواصر‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك‭.‬

وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬نقطة‭ ‬ضعف‭ ‬أبدا‭ ‬بل‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬انتهاج‭ ‬ونسج‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المتزنة‭ ‬التي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬المآلات‭ ‬الكارثية‭ ‬لتخبط‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نعايشه‭ ‬اليوم‭ ‬وكم‭ ‬قد‭ ‬استنزف‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬متكررة‭ ‬تنذر‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عاقبته‭.‬

وعليه‭: ‬فما‭ ‬حصل‭ ‬مؤخرا‭ ‬من‭ ‬توتير‭ ‬الأجواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ارتهان‭ ‬مواطني‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ذات‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬مياهها‭ ‬الإقليمية‭ ‬لا‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬أحد‭ ‬سوى‭ ‬المتربصين‭ ‬بالمنطقة‭ ‬الدوائر‭ ‬ومن‭ ‬يعتاشون‭ ‬على‭ ‬الأزمات‭ ‬لترويج‭ ‬مشروعاتهم‭ ‬الكاسدة‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬بعدٌ‭ ‬سياسي‭ ‬مستقبلي‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاستقواء‭ ‬بالآخر‭.‬

وكلنا‭ ‬يعلم‭ ‬بأن‭ ‬تحكيم‭ ‬لغة‭ ‬العقل‭ ‬والتدبر‭ ‬في‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬والتنمية‭ ‬لعموم‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬والتأمل‭ ‬في‭ ‬ارتدادات‭ ‬لغة‭ ‬استعراض‭ ‬القوة‭ ‬وما‭ ‬تنتجه‭ ‬من‭ ‬التأزيم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬فيه‭ ‬القيادات‭ ‬لحلحلة‭ ‬العالق‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬الفهم‭.‬

وأن‭ ‬النأي‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وبقية‭ ‬الثلاثي‭ ‬هو‭ ‬ضمانة‭ ‬كبيرة‭ ‬لو‭ ‬التزمت‭ ‬بها‭ ‬قطر‭.‬

أما‭ ‬سياسة‭ ‬الشذ‭ ‬والجذب‭ ‬والهروب‭ ‬للأمام‭ ‬عند‭ ‬المصارحة،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬التعقيدات‭ ‬التي‭ ‬تطيل‭ ‬من‭ ‬أمد‭ ‬العزلة‭.‬

فأيهما‭ ‬أفضل؟

زفارة‭ ‬الأسماك‭ ‬واستعمال‭ ‬منهج‭ ‬لي‭ ‬الذراع‭ ‬وارتهان‭ ‬مواطني‭ ‬المملكة‭ ‬وجعل‭ ‬العصا‭ ‬في‭ ‬عجلة‭ ‬أرزاقهم‭ ‬والجعل‭ ‬منهم‭ ‬أيقونة‭ ‬أزمة‭ ‬فوق‭ ‬أزمات‭.‬

أم‭ ‬الأفضل‭ ‬مراجعة‭ ‬الحسابات‭ ‬وتقويم‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الجار‭ ‬المسالم؟

وبمعنًى‭ ‬آخر‭:‬

أيهما‭ ‬أرقى‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬السياسي‭:‬

زفارة‭ ‬الأسماك‭ ‬التي‭ ‬نكنّ‭ ‬لها‭ ‬والمشتغلين‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬المحبة‭ ‬والاحترام‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬عبق‭ ‬ونكهة‭ ‬ورائحة‭ ‬الأجداد‭ ‬لعموم‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭.‬

أم‭ ‬هو‭ ‬رائحة‭ ‬البارود‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نتورط‭ ‬في‭ ‬بدء‭ ‬إشعال‭ ‬فتيله‭ ‬ولن‭ ‬نتورط‭ ‬بالتأكيد؛‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬قاموس‭ ‬سياستنا‭ ‬الخارجية‭.‬

سؤال‭: ‬ندع‭ ‬الإجابة‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬عقلاء‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬وقبلهم‭ ‬جميع‭ ‬عقلاء‭ ‬العالم‭.‬

 

عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية