عندما تُكمم الديمقراطية فمها

| بدور عدنان

‭ ‬لم‭ ‬يُضرب‭ ‬لنا‭ ‬مثل‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافرنا‭ ‬كمثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬تعتبر‭ ‬عرابة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بمفاهيمها‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الفرد‭ ‬بالتعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬ووجهة‭ ‬نظره،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وحتى‭ ‬السياسية،‭ ‬فدائماً‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬ندرس‭ ‬ونلقن‭ ‬بأن‭ ‬أكثر‭ ‬دولة‭ ‬تطبق‭ ‬مبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بجميع‭ ‬أسسها‭ ‬ومفاهيمها‭ ‬هي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬فيها‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬أبسط‭ ‬القواعد‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للمواطن‭ ‬العادي‭ ‬من‭ ‬سائر‭ ‬الشعب‭ ‬الحديث‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬بخصوص‭ ‬أي‭ ‬أمر‭.‬

ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬قبيل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬تنصيب‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أمر‭ ‬كسر‭ ‬جل‭ ‬تلك‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬رسمت‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬فوضى‭ ‬ومظاهرات‭ ‬همجية،‭ ‬اقتحام‭ ‬للبرلمان‭ ‬الأميركي،‭ ‬مطالبات‭ ‬بعزل‭ ‬الرئيس‭ ‬بعد‭ ‬إيقاف‭ ‬حساباته‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬باختصار‭ ‬صور‭ ‬ومظاهر‭ ‬وأحداث‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬للديمقراطية‭ ‬بأية‭ ‬صلة‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬قريب،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرحه‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يتبجحون‭ ‬بها،‭ ‬ديمقراطية‭ ‬العنف‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬والفوضى‭ ‬العارمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشعب‭ ‬أم‭ ‬ديمقراطية‭ ‬استخدام‭ ‬السياسيين‭ ‬ما‭ ‬يمتلكون‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬مشرعة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬ضد‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬أم‭ ‬ديمقراطية‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬التي‭ ‬انتزعت‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬بجلالة‭ ‬قدره‭.‬

بعض‭ ‬الأمور‭ ‬من‭ ‬المحرم‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتعظ‭ ‬ونعتبر‭ ‬ونأخذ‭ ‬منها‭ ‬أفضل‭ ‬الدروس،‭  ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬يثبت‭ ‬مدى‭ ‬تقدم‭ ‬شعوبنا‭ ‬وصلابة‭ ‬تشريعاتنا‭ ‬بالإضافة‭ ‬لحكمة‭ ‬قادتنا،‭ ‬فديمقراطيتنا‭ ‬والتي‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬موضع‭ ‬انتقاد‭ ‬لاذع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬بالإضافة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬دفاعها‭ ‬عن‭ ‬مبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بدت‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وصلابة‭ ‬من‭ ‬ديمقراطية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تداعت‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬الجميع‭.‬

دائماً‭ ‬ما‭ ‬تتجلى‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬اختبار،‭ ‬فهشاشة‭ ‬وضحالة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأميركية‭ ‬بانت‭ ‬حقيقتها‭ ‬للعالم‭ ‬بأسره،‭ ‬تلك‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬فصلتها‭ ‬وارتدتها‭ ‬واشنطن‭ ‬كيفما‭ ‬أرادت‭.‬