“قروبات” غير مجدية

| زهير توفيقي

أقر‭ ‬بأن‭ ‬موضوع‭ ‬المقال‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬“قروبات”‭ ‬الواتساب‭ ‬الكثيرة‭ ‬المنتشرة‭ ‬بيننا،‭ ‬فبعضها‭ ‬نافع‭ ‬جدًا،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬لا‭ ‬يغني‭ ‬ولا‭ ‬يسمن‭ ‬من‭ ‬جوع،‭ ‬بل‭ ‬مزعج‭ ‬وخطير‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭. ‬وقد‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬علاقاتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬وأعلم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة‭ ‬كالجهل‭ ‬والاختلاف‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬التعليمي‭ ‬وفارق‭ ‬السن،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬اختيار‭ ‬الأعضاء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مدروسًا‭ ‬جيدًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭. ‬كنت‭ ‬ومازلت‭ ‬أنادي‭ ‬بضرورة‭ ‬اختيار‭ ‬وتقنين‭ ‬المعلومات‭ ‬والأخبار‭ ‬المتداولة‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬مدى‭ ‬صحتها،‭ ‬فكم‭ ‬الرسائل‭ ‬المتداولة‭ ‬مهول‭ ‬وعلينا‭ ‬التأني‭ ‬فيها،‭ ‬فتلك‭ ‬المعلومات‭ ‬غير‭ ‬الصحيحة‭ ‬ومن‭ ‬مصادر‭ ‬مجهولة‭ ‬لها‭ ‬مفعول‭ ‬السحر،‭ ‬فالبشر‭ ‬بطبيعتهم‭ ‬يتأثرون‭ ‬بسرعة‭ ‬بتلك‭ ‬الإشاعات‭ ‬المغرضة‭ ‬والمحرضة‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬جهة‭ ‬معينة،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تصلنا‭ ‬معلومات‭ ‬مفيدة‭ ‬لزيادة‭ ‬معارفنا‭ ‬وثقافتنا‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬لقراءتها‭ ‬أو‭ ‬التعليق‭ ‬عليها‭. ‬إن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأخطر‭ ‬الأدوات‭ ‬الإعلامية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬قوي‭ ‬جدًا،‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬عدم‭ ‬الاستعجال‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬أو‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬قروبات‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أعضائها‭ ‬ومراجعتها‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬لمعرفة‭ ‬جدواها‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬فلا‭ ‬ضير‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بالاعتذار‭ ‬لمدير‭ ‬القروب‭ ‬وعدم‭ ‬المواصلة‭ ‬وتشرح‭ ‬له‭ ‬الأسباب‭ ‬بكل‭ ‬شفافية،‭ ‬نعم‭ ‬دعونا‭ ‬نعود‭ ‬أنفسنا‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬المواجهة‭ ‬الراقية‭ ‬والصادقة‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬جرأة‭ ‬وتحررًا‭ ‬في‭ ‬تعاملنا‭ ‬مع‭ ‬الناس‭. ‬وعودة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬الإعلامي‭ ‬الخطير،‭ ‬فتأثيره‭ ‬الكبير‭ ‬شاهدناه‭ ‬فيما‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬أنصار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ترامب‭ ‬ودعوته‭ ‬لتعطيل‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬وتنصيب‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬بايدن،‭ ‬فترامب‭ ‬يملك‭ ‬‮٨٨‬‭ ‬مليون‭ ‬متابع‭ ‬في‭ ‬تويتر‭! ‬تصوروا‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬متابعيه،‭ ‬فقد‭ ‬تابعنا‭ ‬جميعًا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأميركي‭ ‬ووصول‭ ‬المتظاهرين‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬مكتب‭ ‬رئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وسرقة‭ ‬المنبر‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭! ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬وفيات‭ ‬وإصابات،‭ ‬تلك‭ ‬المسرحية‭ ‬بقيت‭ ‬لغزًا‭ ‬محيرًا‭ ‬لمفهوم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأميركية‭ ‬العريقة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬وصفهم‭! ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬اتخذت‭ ‬“تويتر”‭ ‬قرارًا‭ ‬شجاعًا‭ ‬ويحدث‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬بإغلاق‭ ‬حساب‭ ‬“ترامب”‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬بسبب‭ ‬خطر‭ ‬حدوث‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬العنف‭. ‬تعمدت‭ ‬ذكر‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬لتوضيح‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬والمنصات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المختلفة‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬بأكمله‭. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬