طموح المواطن الخليجي!!

| د. عبدالله الحواج

مازال‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬ينتظر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬المسيرة‭ ‬المباركة‭ ‬لهذا‭ ‬المجلس‭ ‬العتيد،‭ ‬كلنا‭ ‬كنا‭ ‬متأملين‭ ‬خيرًا‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬“العُلا”،‭ ‬مصالحة‭ ‬خليجية‭ ‬عربية‭ ‬تمت‭ ‬بقلوب‭ ‬مفعمة‭ ‬بالإيمان،‭ ‬وبأيدٍ‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مرتعشة‭ ‬وهي‭ ‬تقوم‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬المصالحة‭ ‬ومقررات‭ ‬القمة،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬مازال‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬محاصرًا‭ ‬بأسئلة‭ ‬لها‭ ‬تاريخ،‭ ‬ما‭ ‬الفائدة‭ ‬المرجوة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬بعد‭ ‬41‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬المجلس؟‭ ‬لماذا‭ ‬تتأجل‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬المصيرية‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬جوهريًا‭ ‬وعصبيًا‭ ‬بالناس‭ ‬وهمومهم‭ ‬ومشاكلهم؟‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬أصبح‭ ‬حلم‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة‭ ‬والعملة‭ ‬الموحدة،‭ ‬والحوافز‭ ‬المتقاربة،‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬مازالت‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬الكتمان،‭ ‬ولم‭ ‬يشر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬“العلا”؟

عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬ولي‭ ‬عهده‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بعد‭ ‬عودته‭ ‬من‭ ‬“القمة”‭ ‬أطلق‭ ‬تصريحا‭ ‬يحمل‭ ‬المعنى‭ ‬ذاته،‭ ‬وهو‭ ‬“المحافظة‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنين‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬للجميع”،‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬حق‭ ‬وخير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬تعاونًا‭ ‬غير‭ ‬محفوفٍ‭ ‬بالحواجز‭ ‬والعقبات‭ ‬مع‭ ‬شقيقه‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون؟‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لقرارات‭ ‬القمم‭ ‬المتعاقبة‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬أواصر‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬طموح‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬متحققًا‭ ‬ليس‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬السطور،‭ ‬إنما‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬المليء‭ ‬بالإرهاصات،‭ ‬والمُتابَعْ‭ ‬من‭ ‬مطالبات،‭ ‬والمنتظر‭ ‬لقرارات‭.‬

ولأن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع،‭ ‬ولأنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬يمثل‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬الواقي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شر،‭ ‬والحافظ‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬أذى،‭ ‬والدافع‭ ‬نحو‭ ‬حماية‭ ‬الأمان‭ ‬والأمن‭ ‬والازدهار‭ ‬الذي‭ ‬تنعم‭ ‬به‭ ‬بلادنا،‭ ‬فإن‭ ‬أهمية‭ ‬الاعتراف‭ ‬المتبادل‭ ‬بجودة‭ ‬الجامعات‭ ‬الخليجية،‭ ‬والاعتمادية‭ ‬التي‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬بعض‭ ‬الجامعات‭ ‬المحققة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬هذه‭ ‬الجودة‭ ‬وتلك‭ ‬الاعتمادية‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬لتحقيق‭ ‬طموحات‭ ‬شبابنا‭ ‬وأجيالنا‭ ‬الطالعة‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬مستنير،‭ ‬معترف‭ ‬به‭ ‬ومعتمد‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعتبره‭ ‬على‭ ‬مسؤولينا‭ ‬الكبار‭ ‬بكثير‭.‬

التعليم‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬خاصة‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬يحتاج‭ ‬لنظرة‭ ‬أعمق،‭ ‬إلى‭ ‬رؤى‭ ‬أوسع،‭ ‬إلى‭ ‬حدقة‭ ‬عين‭ ‬أشمل‭ ‬وأعم،‭ ‬وإلى‭ ‬بصيرة‭ ‬أُؤمن‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬قادتنا‭ ‬يتحلون‭ ‬بها‭ ‬وأن‭ ‬أولياء‭ ‬أمورنا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بنجاعة‭ ‬ورجاحة‭ ‬توجهها،‭ ‬وأن‭ ‬وزراءهم‭ ‬المختارون‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة‭ ‬في‭ ‬مقدورهم‭ ‬تنفيذ‭ ‬الرؤى‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭.‬

المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحلقة‭ ‬المفقودة‭ ‬بين‭ ‬الرؤية‭ ‬والتطبيق،‭ ‬بين‭ ‬القرار‭ ‬وإمكانية‭ ‬توظيفه‭ ‬ليصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬الإقليمية‭ ‬برمتها،‭ ‬نحن‭ ‬نرى‭ ‬رؤساء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبين‭ ‬وهم‭ ‬يعترفون‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬العظيمة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬جامعاتها‭ ‬العظيمة،‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬نحن‭ ‬مازلنا‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية،‭ ‬عن‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬أكثر‭ ‬برعاية‭ ‬أعمق،‭ ‬بمنظومة‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التفهم‭ ‬لمتطلبات‭ ‬السوق،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬الشقيق‭ ‬المجاور‭ ‬ممكنًا‭ ‬حتى‭ ‬تعود‭ ‬أفواج‭ ‬الطلبة‭ ‬الأشقاء‭ ‬إلى‭ ‬جامعاتنا‭ ‬مجددًا،‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬النظرة‭ ‬القديمة‭ ‬مازالت‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تصحيح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسويق‭ ‬أمثل‭ ‬لجامعاتنا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬المجاورة‭ ‬وتوضيح‭ ‬إمكاناتها‭ ‬الحقيقية‭ ‬من‭ ‬اعتمادية‭ ‬توافق‭ ‬الأنظمة‭ ‬المرعبة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬برمتها،‭ ‬وتتفق‭ ‬مع‭ ‬معايير‭ ‬الجودة‭ ‬التي‭ ‬أرى‭ ‬أنها‭ ‬شبه‭ ‬موحدة‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول؟

طموح‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬حدود،‭ ‬وإمكانات‭ ‬بلادنا‭ ‬قادرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الطموح‭ ‬والوصول‭ ‬بآمالنا‭ ‬وأحلامنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬“نحبه‭ ‬ونرضاه”‭.‬