من جديد

من جديد!

| د. سمر الأبيوكي

عندما‭ ‬قررت‭ ‬الكتابة‭ ‬لم‭ ‬أكترث‭ ‬كثيرا‭ ‬لدويّ‭ ‬الكلمة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يبهر‭ ‬من‭ ‬حولي،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تلقى‭ ‬رواجا‭ ‬كأن‭ ‬أكتب‭ ‬عمودا‭ ‬سياسيا‭ ‬بحتا‭ ‬أو‭ ‬أتحدث‭ ‬فيما‭ ‬يلهب‭ ‬مشاعر‭ ‬المواطنين‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬بعينها،‭ ‬لقد‭ ‬آثرت‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬في‭ ‬موضوعين‭ ‬متجددين‭ ‬دوما،‭ ‬الابتكار‭ ‬العلمي‭ ‬والإنسانيات،‭ ‬وهما‭ ‬علمان‭ ‬لا‭ ‬ينضبان،‭ ‬فمشاعر‭ ‬البشر‭ ‬وقصصهم‭ ‬متجددة‭ ‬دوما‭ ‬بدوام‭ ‬هذه‭ ‬البشرية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الابتكار‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬مهما‭ ‬توالت‭ ‬الأيام،‭ ‬فالمجتمعات‭ ‬بحاجة‭ ‬دوما‭ ‬إلى‭ ‬التجديد‭ ‬والابتكار‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬البشرية‭ ‬وما‭ ‬يلازمها‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭.‬

لذلك‭ ‬يعني‭ ‬لي‭ ‬كثيرا‭ ‬أن‭ ‬ألمس‭ ‬وترا‭ ‬أو‭ ‬أداعب‭ ‬فكرة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الآخرين،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أثير‭ ‬تساؤلا‭ ‬أو‭ ‬تخمينا،‭ ‬يروقني‭ ‬كثيرا‭ ‬رغم‭ ‬ضآلة‭ ‬توقعاتي‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬كلماتي‭ ‬للآخرين،‭ ‬فيجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬بين‭ ‬السطور،‭ ‬وكأنما‭ ‬أحكي‭ ‬عن‭ ‬لسان‭ ‬حالهم‭ ‬أو‭ ‬مشاعرهم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يجول‭ ‬بخاطرهم،‭ ‬وهذه‭ ‬العلاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الكاتب‭ ‬والجمهور‭ ‬تبني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الثقة،‭ ‬فتجد‭ ‬أغلب‭ ‬الكتاب‭ ‬يتلقون‭ ‬المكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬أو‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬مضامين‭ ‬حقيقية‭ ‬لأحداث‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬البعض‭ ‬أو‭ ‬أخبار‭ ‬ضيقت‭ ‬صدورهم‭ ‬أو‭ ‬تصرفات‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬بدا‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬لصاحب‭ ‬قلم‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يروي‭ ‬معاناتهم،‭ ‬والواقع‭ ‬يروي‭ ‬الحقيقة‭ ‬الكامنة‭ ‬بأننا‭ ‬كلنا‭ ‬أبطال‭ ‬في‭ ‬قصصنا‭ ‬الواقعية‭ ‬وفي‭ ‬أيام‭ ‬حياتنا،‭ ‬فالكل‭ ‬يمر‭ ‬بالكثير‭ ‬وتبقى‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المواقف‭ ‬والأحداث‭ ‬المخرج‭ ‬الأساسي‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬حكاية‭ ‬لأخرى‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬مبهجة‭ ‬أو‭ ‬مؤسفة‭.‬

 

ومضة‭: ‬شكرا‭ ‬لتلك‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬الكثير‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬قراء‭ ‬كلماتي،‭ ‬شكرا‭ ‬للمشاعر‭ ‬الفياضة‭ ‬والقصص‭ ‬المؤثرة‭ ‬والحكايات‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬صقلت‭ ‬تجاربكم‭ ‬وأحيت‭ ‬كلماتي،‭ ‬شكرا‭ ‬للمجتمع‭ ‬والأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يلقنوننا‭ ‬يوميا‭ ‬دروسا‭ ‬واسعة‭ ‬ومستنيرة‭ ‬تجدد‭ ‬قيمنا،‭ ‬وتفتح‭ ‬أعيننا‭ ‬وتؤجج‭ ‬مشاعرنا‭ ‬السلبية‭ ‬منها‭ ‬والإيجابية،‭ ‬شكرا‭ ‬لعلم‭ ‬الكلمة‭ ‬والحوار‭ ‬والسرد‭ ‬القصصي‭ ‬والآلام‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬قصص‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬والمنفلوطي‭ ‬وغيرهما‭ ‬ممن‭ ‬أثروا‭ ‬مخيلة‭ ‬جميع‭ ‬الكتاب‭ ‬الذين‭ ‬حملوا‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قلمهم‭ ‬إنسانيا‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬وأن‭ ‬يحمل‭ ‬توقيعا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وإلى‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يخطون‭ ‬فيها‭ ‬كلماتهم،‭ ‬وكما‭ ‬يقال‭ ‬دوما‭.. ‬منكم‭ ‬وإليكم‭ ‬والسلام‭ ‬عليكم‭.‬