ستة على ستة

كورونا والوضع الاقتصادي للمرأة

| عطا السيد الشعراوي

يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬تتكشف‭ ‬لنا‭ ‬تداعيات‭ ‬أكثر‭ ‬ونتائج‭ ‬أبعد‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬تجتاح‭ ‬العالم‭ ‬وكادت‭ ‬تغير‭ ‬ملامحه‭ ‬وتهز‭ ‬أركانه‭ ‬بشدة‭ ‬ووضعته‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬هاوية‭ ‬تستدعي‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬بعمق‭ ‬وجماعية‭ ‬تراعي‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬قبل‭ ‬الغنية‭ ‬والصغيرة‭ ‬قبل‭ ‬الكبيرة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اقتنع‭ ‬الجميع‭ ‬بأن‭ ‬مصير‭ ‬البشرية‭ ‬واحد،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬بقعة‭ ‬منها‭ ‬يعيق‭ ‬المنظومة‭ ‬كلها‭ ‬ويمنع‭ ‬تقدمها‭ ‬وتطورها‭.‬

فرغم‭ ‬ما‭ ‬راج‭ ‬طبيًا‭ ‬بأن‭ ‬الرجال‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للإصابة‭ ‬بمضاعفات‭ ‬خطيرة‭ ‬أو‭ ‬الوفاة‭ ‬بسبب‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬أثرت‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬للنساء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬موضع‭ ‬اهتمام‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬حرصت‭ ‬وربما‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬بذل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬جموده‭ ‬أو‭ ‬انهياره،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقراره‭ ‬ولو‭ ‬بحدوده‭ ‬الدنيا‭ ‬لتسير‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الرجال‭ ‬والقطاعات‭ ‬التي‭ ‬يعملون‭ ‬فيها‭ ‬كانت‭ ‬الأكثر‭ ‬استفادة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬والدعم،‭ ‬بينما‭ ‬اختلف‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنساء،‭ ‬إذ‭ ‬ذكر‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬مجلة‭ ‬“فورين‭ ‬أفيرز”‭ ‬الأميركية‭ ‬أن‭ ‬إجراءات‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬لكنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬مراعاة‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬يمثلن‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭. ‬تؤكد‭ ‬فورين‭ ‬أفيرز‭ ‬أن‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للجائحة‭ ‬أصابت‭ ‬النساء‭ ‬بقدر‭ ‬أكبر‭ ‬لأنها‭ ‬أدت‭ ‬لانهيار‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬النساء‭ ‬غالبية‭ ‬فيها‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والخدمات‭ ‬الغذائية‭ ‬والضيافة‭ ‬وتجارة‭ ‬التجزئة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ازدادت‭ ‬فيه‭ ‬الأعباء‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬بيتها‭ ‬مع‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬فكان‭ ‬عليها‭ ‬رعاية‭ ‬أطفالها‭ ‬ومتابعة‭ ‬تعليمهم،‭ ‬إضافة‭ ‬لمسؤولياتها‭ ‬المعتادة‭.‬

وأشارت‭ ‬المجلة‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬لمعهد‭ ‬ماكينزي‭ ‬حذرت‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬ظلت‭ ‬تلك‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬مستمرة‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬لها،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭ ‬أقل‭ ‬بمقدار‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬تأثير‭ ‬الجائحة‭ ‬محايدا‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬وتحفيزها‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬للإسراع‭ ‬بمواجهة‭ ‬كل‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬لتحقيق‭ ‬13‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭.‬