لمحات

اللهجة الآسيوية

| د.علي الصايغ

في‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬السنوات‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬بإحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الشقيقة،‭ ‬اضطررت‭ ‬للحديث‭ ‬عربياً‭ ‬بلهجة‭ ‬آسيوية‭ ‬لإيصال‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬قوله‭ ‬إلى‭ ‬أحدهم،‭ ‬وقوبل‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬باستغراب‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬الشخص‭ ‬المرافق‭ ‬لي،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬أبناء‭ ‬الدولة‭ ‬الخليجية‭ ‬الشقيقة‭ ‬تلك‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬درجنا‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬تلوين‭ ‬لهجتنا‭ ‬البحرينية‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬الآسيويين،‭ ‬إما‭ ‬إيماناً‭ ‬منا‭ ‬بأنه‭ ‬الطريق‭ ‬الأسهل‭ ‬والأسرع‭ ‬لإيصال‭ ‬المعنى‭ ‬والمفهوم‭ ‬إلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تواضعاً‭ ‬من‭ ‬البعض،‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬حال،‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬قد‭ ‬يعتاد‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬أيضاً‭ ‬مع‭ ‬الأطفال،‭ ‬وبالتالي‭ ‬محاولة‭ ‬استخدام‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬يستخدمونها‭ ‬عادة‭ ‬للتعبير‭ ‬عما‭ ‬يختلجهم‭ ‬من‭ ‬أفكار،‭ ‬وما‭ ‬ابتكروه‭ ‬من‭ ‬مسميات‭ ‬ومفردات،‭ ‬بذات‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬الفرد‭ ‬مثمراً‭ ‬لإسراع‭ ‬عملية‭ ‬التفاهم‭ ‬والنقاش،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬مع‭ ‬الهدف‭ ‬المرجو‭ ‬منه،‭ ‬يصيب‭ ‬اللهجة‭ ‬في‭ ‬مقتل؛‭ ‬فالطبيعي‭ ‬والمفترض‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬أن‭ ‬يحاولوا‭ ‬التحدث‭ ‬كما‭ ‬نتحدث،‭ ‬وليس‭ ‬أن‭ ‬نغير‭ ‬من‭ ‬لهجتنا‭ ‬وكلماتنا‭ ‬حتى‭ ‬يفهمونا؛‭ ‬فمن‭ ‬ابتكر‭ ‬كلماته‭ ‬الجديدة،‭ ‬يمكنه‭ ‬التمييز‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭ ‬ومعرفة‭ ‬الكلمات‭ ‬الأصلية،‭ ‬ويحاول‭ ‬حفظها‭ ‬ونطقها‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭.‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬موروثنا‭ ‬اللغوي‭ ‬الشعبي،‭ ‬خصوصا‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تطرأ‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬أحاديثنا‭ ‬الدارجة‭ ‬يومياً‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المفردات‭ ‬الدخيلة‭ ‬مثل‭ ‬الكلمات‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬بعض‭ ‬المفردات‭ ‬الخاصة‭ ‬بنا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬اندثارها،‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬للكثير‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬لهجتنا‭ ‬الشعبية،‭ ‬فحلت‭ ‬محلها‭ ‬مفردات‭ ‬غربية،‭ ‬إلى‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬المفردات‭ ‬في‭ ‬لهجتنا‭ ‬الأساس‭ ‬غير‭ ‬معروفة،‭ ‬وغير‭ ‬مفهومة‭ ‬للجيل‭ ‬الحالي،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالأجيال‭ ‬المقبلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضعنا‭ ‬حقيقةً‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬لهجتنا‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭.‬