سوالف

جرثومة “الأفكار السيئة” تمتص قوة الإنسان

| أسامة الماجد

بعضنا‭ ‬يدخل‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬ملعونة‭ ‬من‭ ‬الإحباط‭ ‬والسأم،‭ ‬وكأنه‭ ‬ينتظر‭ ‬الخلاص‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬جرثومة‭ ‬صغيرة‭ ‬تسمى‭ ‬“الأفكار‭ ‬السيئة”‭ ‬التي‭ ‬تمتص‭ ‬قوة‭ ‬الإنسان‭ ‬بشكل‭ ‬مخيف‭ ‬وتجعله‭ ‬يخاطب‭ ‬الجحور‭ ‬ويستسلم‭ ‬طوعا‭ ‬لهزيمة‭ ‬الموت‭ ‬وأشواكه‭ ‬النافرة،‭ ‬لأن‭ ‬الأفكار‭ ‬السيئة‭ ‬ودورانها‭ ‬في‭ ‬الرأس‭ ‬تسبب‭ ‬ضيق‭ ‬الحياة‭ ‬ومعها‭ ‬تزداد‭ ‬الهموم‭ ‬كالنمل،‭ ‬وتشعرنا‭ ‬بحمل‭ ‬ثقيل‭ ‬وجو‭ ‬بشع‭ ‬لا‭ ‬يطاق‭.‬

أعجبني‭ ‬وصف‭ ‬دقيق‭ ‬لأحد‭ ‬الأطباء‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يستسلم‭ ‬لعواصف‭ ‬الأفكار‭ ‬السيئة‭ ‬وهيجان‭ ‬بحارها‭ ‬فيقول‭.. ‬بوصفي‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬الأخصائيين‭ ‬في‭ ‬الناحية‭ ‬النفسية‭ ‬أستقبل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬عددا‭ ‬ليس‭ ‬قليلا‭ ‬ممن‭ ‬يشكون‭ ‬أمراضا‭ ‬مختلفة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬غير‭ ‬أفكارهم‭ ‬المضطربة،‭ ‬فكنت‭ - ‬بعد‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬المريض‭ - ‬أكتب‭ ‬له‭ ‬وصفة‭ ‬طبية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوصفة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬شراؤها‭ ‬من‭ ‬الصيدلية،‭ ‬ليست‭ ‬شرابا‭ ‬ولا‭ ‬طعاما،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬كلمات‭ ‬يدعو‭ ‬بها‭ ‬المريض‭ ‬ربه‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬مفعم‭ ‬بالإيمان،‭ ‬معتقدا‭ ‬تمام‭ ‬الاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يخفف‭ ‬مصابه‭ ‬وآلامه‭ ‬ويبعد‭ ‬عنه‭ ‬الهموم‭ ‬والأحزان،‭ ‬فالمهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الناحية‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬التفكير‭. ‬ليفكر‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬الهموم‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬سحبا‭ ‬تغطي‭ ‬الطريق‭ ‬أمامه‭ ‬وتعكس‭ ‬عن‭ ‬عينيه‭ ‬أشعة‭ ‬النور،‭ ‬فيعود‭ ‬بعدها‭ ‬لا‭ ‬يبصر‭ ‬طريقه‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬الاهتداء‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ذاهب‭ ‬إليه،‭ ‬فكر‭ ‬دائما‭ ‬أنك‭ ‬مرح‭ ‬أو‭ ‬أنك‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون،‭ ‬فلا‭ ‬تلبث‭ ‬أن‭ ‬تبتسم‭ ‬أو‭ ‬تكاد،‭ ‬وعندها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬تفكيرا‭ ‬سليما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬تود‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬به‭. ‬

حاول‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬أن‭ ‬“تصفي”‭ ‬فكرك،‭ ‬وأعني‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬تزيح‭ ‬عنه‭ ‬كابوس‭ ‬الأوهام‭ ‬والأحزان،‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬ولا‭ ‬أطلب‭ ‬منك‭ ‬ألا‭ ‬تفكر‭ ‬أبدا،‭ ‬لا‭.. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون،‭ ‬فالعقل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬لا‭ ‬ينتج‭ ‬شيئا،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬أقصده‭ ‬في‭ ‬تصفية‭ ‬الفكر‭ ‬إزاحة‭ ‬الأفكار‭ ‬السيئة‭ ‬عنه،‭ ‬وأن‭ ‬تحل‭ ‬محلها‭ ‬أفكار‭ ‬سليمة‭.‬