لمحات

أصوات نشاز

| د.علي الصايغ

كنت‭ ‬قد‭ ‬تحدثت‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬المجاملات‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الفني،‭ ‬وإلى‭ ‬ماذا‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬المعتاد‭ ‬والمتكرر‭ ‬من‭ ‬الدخلاء‭ ‬على‭ ‬الفن‭ ‬ومن‭ ‬حولهم،‭ ‬وحتى‭ ‬باقي‭ ‬أوساط‭ ‬العمل‭ ‬الأخرى،‭ ‬وما‭ ‬تبعات‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬ومستوى‭ ‬العمل‭ ‬وقابلية‭ ‬تطويره،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬تامة‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يتبنى‭ ‬المجاملات‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬صاحب‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الفن؛‭ ‬فمن‭ ‬يلتزم‭ ‬برأيه‭ ‬وانتقاده‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬دراية‭ ‬ووجهة‭ ‬نظر‭ ‬صادقة‭ ‬وواقعية،‭ ‬قد‭ ‬يؤول‭ ‬به‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬زعل‭ ‬الكثيرين‭ ‬ممن‭ ‬يعملون‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المجال‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬البشر‭ ‬فنياً‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬هو‭ ‬ظهور‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬الجمال،‭ ‬محاولة‭ ‬فرض‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الغنائية،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬أدنى‭ ‬المقومات‭ ‬الصوتية،‭ ‬وحتى‭ ‬الظهور‭ ‬الكاسح‭ ‬لظاهرة‭ ‬المؤدين‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الفني،‭ ‬ورواج‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬تحايل‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الفئة‭ ‬لفرض‭ ‬أنفسهم‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬بأية‭ ‬طريقة‭.‬

هذه‭ ‬الثقة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬أصحاب‭ ‬الأصوات‭ ‬النشاز،‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬فبكل‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الأسباب‭ ‬المجاملات‭ ‬التي‭ ‬انهالت‭ ‬من‭ ‬حولهم‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بالثقة؛‭ ‬فأثنوا‭ ‬على‭ ‬الأصوات،‭ ‬وأوهموا‭ ‬بجمالها،‭ ‬وبطبقة‭ ‬الصوت‭ ‬النادرة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬مع‭ ‬الفوضى‭ ‬الصوتية‭ ‬وتسونامي‭ ‬النشاز‭ ‬الذي‭ ‬يستاء‭ ‬منه‭ ‬الناس‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬عندما‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬قناة‭ ‬لمشاهدتها‭ ‬أو‭ ‬غالباً‭ ‬إذاعة‭ ‬لسماعها‭. ‬

 

فإلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجاملين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يراعوا‭ ‬نفسيات‭ ‬الناس،‭ ‬ولوثوا‭ ‬أسماعهم‭ ‬حتى‭ ‬ضجوا‭ ‬وملوا،‭ ‬نقول‭ ‬ارحموا‭ ‬الأسماع‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭ ‬الضوضائي،‭ ‬وقولوا‭ ‬كلمة‭ ‬الحق‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬مصالحكم‭.‬