زبدة القول

السوس الذي ينخر في عظام العراق

| د. بثينة خليفة قاسم

معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬الفساد‭ ‬الذي‭ ‬ينخر‭ ‬كالسوس‭ ‬في‭ ‬عظام‭ ‬البلاد،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬الصادم‭ ‬الذي‭ ‬أذيع‭ ‬مؤخرا،‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬إحالة‭ ‬20‭ ‬وزيرا‭ ‬عراقيا‭ ‬للمحاكمة‭ ‬بتهم‭ ‬الفساد،‭ ‬يا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خبر‭ ‬عجيب،‭ ‬فكم‭ ‬بقي‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬20‭ ‬وزيرا‭ ‬متهما‭ ‬بالفساد؟‭ ‬وكيف‭ ‬يكون‭ ‬حال‭ ‬المؤسسات‭ ‬وقيادات‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬والثالث‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الوزير‭ ‬فاسدا؟

لا‭ ‬مجال‭ ‬ولا‭ ‬مكان‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬صالح‭ ‬ضمن‭ ‬منظومة‭ ‬يعشعش‭ ‬فيها‭ ‬الفساد‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬المرعب،‭ ‬فالوزير‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يختار‭ ‬من‭ ‬يليه‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬بوزارته،‭ ‬أي‭ ‬وكلاء‭ ‬الوزارة‭ ‬مثلا،‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬وكلاء‭ ‬الوزارة‭ ‬باختيار‭ ‬مديري‭ ‬العموم‭ ‬أو‭ ‬مديري‭ ‬الإدارات‭ ‬حسب‭ ‬التوصيف‭ ‬الإداري‭ ‬الموجود،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬تصبح‭ ‬الوزارة‭ ‬كلها‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬الوزير،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالضبط،‭ ‬فبقية‭ ‬الخبر‭ ‬الذي‭ ‬قرأناه‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬قائمة‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬تحويلهم‭ ‬للقضاء‭ ‬طويلة‭ ‬وتشمل‭ ‬قيادات‭ ‬ومسؤولين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدرجات‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬العراقية،‭ ‬فالعدد‭ ‬الإجمالي‭ ‬لمن‭ ‬ستتم‭ ‬محاكمتهم‭ ‬333‭ ‬مسؤولا‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬كثيرون‭ ‬يحملون‭ ‬جنسية‭ ‬مزدوجة،‭ ‬ولنضع‭ ‬خطا‭ ‬تحت‭ ‬جنسية‭ ‬مزدوجة‭.‬

وجاء‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬الفئة‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬“مدير‭ ‬عام”،‭ ‬يصل‭ ‬العدد‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬286،‭ ‬أحيلوا‭ ‬غيابيا‭ ‬للمحاكم،‭ ‬فيما‭ ‬تمت‭ ‬كفالة‭ ‬72‭ ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ ‬وزيران‭ ‬وأربعة‭ ‬بمنصب‭ ‬مدير‭ ‬عام،‭ ‬و66‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬وظيفية‭ ‬أقل‭. ‬مظلوم‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬الشقيق،‭ ‬فبعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬الدماء‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬الفساد‭ ‬والنهب‭ ‬الذي‭ ‬أفقره‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أغنى‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭.‬