ما وراء الحقيقة

المسلم والحزبي

| د. طارق آل شيخان الشمري

هناك‭ ‬فرق‭ ‬شاسع‭ ‬وواضح‭ ‬بين‭ ‬المسلم‭ ‬ومرجعيته‭ ‬الإسلام‭ ‬ومبادئه‭ ‬التي‭ ‬أنزلها‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬وأمرنا‭ ‬باتباعها‭ ‬حرفيا،‭ ‬وبين‭ ‬الحزبي‭ ‬المنتمي‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬ما‭ ‬ومرجعيته‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬ومبادئها‭ ‬التي‭ ‬شرعها‭ ‬المنظرون‭ ‬السياسيون‭ ‬أو‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬شرح‭ ‬وتوضيح‭ ‬هذه‭ ‬الفروقات‭ ‬وهذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬بين‭ ‬المسلم‭ ‬وبين‭ ‬نقيضه‭ ‬الحزبي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الحزبي‭ ‬يدعي‭ ‬صفاء‭ ‬إسلاميته،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬حزب‭ ‬إسلامي‭ ‬ينتهج‭ ‬المبادئ‭ ‬الإسلامية،‭ ‬أو‭ ‬ادعى‭ ‬نقاء‭ ‬شعاراته‭ ‬الإسلامية،‭ ‬أو‭ ‬سوق‭ ‬للجماهير‭ ‬أن‭ ‬التحزب‭ ‬والحزبية‭ ‬من‭ ‬شعائر‭ ‬الإسلام،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬اتخذ‭ ‬الكذبة‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬يتسترون‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬الناس،‭ ‬وهي‭ ‬أنهم‭ ‬يدخلون‭ ‬كمسلمين‭ ‬المعترك‭ ‬الحزبي‭ ‬والسياسي،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتركوا‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬ليلعب‭ ‬بها‭ ‬الليبراليون‭ ‬أو‭ ‬القوميون‭ ‬كما‭ ‬يدعون‭.‬

وأول‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬الفروقات‭ ‬والاختلافات‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المسلم‭ ‬العادي‭ ‬صادق‭ ‬في‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬ومع‭ ‬مختلف‭ ‬البشر،‭ ‬ولا‭ ‬يكذب‭ ‬ولا‭ ‬ينافق‭ ‬ولا‭ ‬يتلون‭ ‬ولا‭ ‬يمارس‭ ‬الرياء،‭ ‬لأن‭ ‬هدفه‭ ‬تحقيق‭ ‬مصلحته‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬لكي‭ ‬يرضى‭ ‬الله‭ ‬عنه،‭ ‬أما‭ ‬الحزبي،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬إسلامي‭ ‬أو‭ ‬ليبرالي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬توجه،‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬يستخدم‭ ‬الكذب‭ ‬والنفاق‭ ‬والتلون‭ ‬والرياء‭ ‬ـ‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬العمل‭ ‬الحزبي‭ ‬والسياسي‭ ‬حتى‭ ‬يحقق‭ ‬مصلحة‭ ‬الحزب‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬لم‭ ‬يقوموا‭ ‬بتأسيس‭ ‬الحزب‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬بل‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالحهم‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬وشركات‭ ‬ومناقصات‭ ‬وعقارات‭ ‬ومنافع‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة،‭ ‬أيضا‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬وأجندة‭ ‬حزبهم‭ ‬المرتبط‭ ‬طبعا‭ ‬بالخارج،‭ ‬ولم‭ ‬نسمع‭ ‬إطلاقا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حزبيا‭ ‬غنيا‭ ‬دخل‭ ‬المعترك‭ ‬السياسي‭ ‬والحزبي‭ ‬وأصبح‭ ‬فقيرا‭ ‬بل‭ ‬العكس،‭ ‬الغني‭ ‬يزداد‭ ‬غنى‭ ‬والفقير‭ ‬والميسور‭ ‬يصبح‭ ‬غنيا،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يكون‭ ‬بعدم‭ ‬الصدق‭ ‬وانتهاج‭ ‬الكذب‭ ‬الخفي‭ ‬والنفاق‭ ‬والتلون‭ ‬والرياء،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬مستحيلا‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬أحد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحزبيين‭ ‬ثبت‭ ‬على‭ ‬موقفه‭ ‬وكان‭ ‬صادقا‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬ومع‭ ‬الناس‭ ‬ومع‭ ‬الله‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬تحزبه‭ ‬مع‭ ‬حزبه‭ ‬الإسلامي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬الإسلامي‭.‬