ستة على ستة

في إيران... التدين قبل الترشح

| عطا السيد الشعراوي

رغم‭ ‬أن‭ ‬التدين‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬الشخص‭ ‬وخالقه،‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬بحقيقته‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬مهما‭ ‬بدا‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬وسلوكيات‭ ‬تعكس‭ ‬الالتزام‭ ‬والاستقامة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الإيراني‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬رأي‭ ‬آخر،‭ ‬إذ‭ ‬أقر‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬قانونًا‭ ‬بوضع‭ ‬شروط‭ ‬للترشح‭ ‬لانتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬التي‭ ‬ستجري‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬أبرزها‭ ‬“التديّن”‭ ‬و”الكفاءة‭ ‬السياسية”،‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المتقدم‭ ‬للترشح‭ ‬إلى‭ ‬الرئاسة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬“من‭ ‬أصل‭ ‬إيراني‭ ‬ومواطنا‭ ‬يتمتع‭ ‬بخلفية‭ ‬دينية‭ ‬موثوقة‭ ‬للغاية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬المهارات‭ ‬الإدارية‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬والانتماء‭ ‬للمذهب‭ ‬الرسمي‭ ‬لجمهورية‭ ‬إيران‭ ‬الإسلامية”‭.‬

ففضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬“التدين”‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬كفاءة‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬إدارية‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬أبدا‭ ‬بينهما،‭ ‬ولا‭ ‬يضمن‭ ‬“للمتدين”‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬المهمات‭ ‬الرئاسية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬منصب‭ ‬آخر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التساؤل‭ ‬الرئيسي‭ ‬هو‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬بأنه‭ ‬يتمتع‭ ‬بتلك‭ ‬الخلفية‭ ‬الدينية‭ ‬الموثوقة‭ ‬للغاية،‭ ‬وهل‭ ‬سيتم‭ ‬عمل‭ ‬امتحان‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬لكل‭ ‬المرشحين،‭ ‬وما‭ ‬طبيعة‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬سيدور‭ ‬حولها‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الامتحان‭ ‬لكي‭ ‬يستعد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬ويبدأ‭ ‬في‭ ‬تحصيل‭ ‬الدروس‭ ‬الدينية‭ ‬ليكون‭ ‬مؤهلا‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الإيراني،‭ ‬أم‭ ‬سيتم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بحكم‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬ليعطي‭ ‬صكوك‭ ‬“التدين”‭ ‬وفق‭ ‬رغبته‭.‬

بمثل‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬يحصر‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬قائمة‭ ‬المرشحين‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬ينتمون‭ ‬لمذهب‭ ‬معين‭ ‬ويحرم‭ ‬الكثيرين‭ ‬ممن‭ ‬ينتمون‭ ‬لأديان‭ ‬ومذاهب‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الترشح،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يمنح‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬أداة‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬عرقلة‭ ‬وصول‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬النظام‭ ‬فيها،‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬يسمون‭ ‬بالتيار‭ ‬الإصلاحي‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬

القانون‭ ‬يعكس‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬لدى‭ ‬النظام‭ ‬وأتباعه‭ ‬من‭ ‬السخط‭ ‬الشعبي‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يهدأ،‭ ‬لكنه‭ ‬يتصاعد‭ ‬نتيجة‭ ‬تردي‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمعيشية،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬النظام‭ ‬قلقًا‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬شعبية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬والتصويت‭ ‬لمرشحين‭ ‬مناوئين‭ ‬للنظام‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬تخليصهم‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬بائس‭ ‬يعيشون‭ ‬فيه‭.‬