2021 أجمل

| د. عبدالله الحواج

لم‭ ‬أعد‭ ‬أستمع‭ ‬للمنجمين‭ ‬“ولو‭ ‬صدقوا”،‭ ‬ولا‭ ‬للكهنة‭ ‬حين‭ ‬يتشبثون‭ ‬بآرائهم،‭ ‬فلا‭ ‬تنزل‭ ‬بردًا‭ ‬وسلامًا‭ ‬على‭ ‬أمة‭ ‬بني‭ ‬البشر‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬تنبأ‭ ‬الفلاسفة‭ ‬وقارئو‭ ‬الأفلاك‭ ‬بأن‭ ‬2020‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬الأسوأ‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الكون‭ ‬منذ‭ ‬700‭ ‬سنة،‭ ‬ومع‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬أفرط‭ ‬المنجمون‭ ‬في‭ ‬التفاؤل‭ ‬وبثوا‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬الخزعبلات‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬متفائلين‭ ‬أشد‭ ‬التفاؤل‭ ‬بزوال‭ ‬كامل‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وبكون‭ ‬أكثر‭ ‬عافية‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تهددنا‭ ‬مخلوقاته‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭.‬

في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬وتحت‭ ‬قصف‭ ‬التنبؤات‭ ‬لا‭ ‬يسعنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬التنجيم،‭ ‬في‭ ‬أجرامه‭ ‬السماوية،‭ ‬وفضاءاته‭ ‬الهلامية،‭ ‬وأضغاث‭ ‬أحلامه‭ ‬المخملية‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أقدامنا،‭ ‬بالتحديد‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬نقف‭ ‬عليها‭ ‬بثبات‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬بلادنا،‭ ‬في‭ ‬جغرافية‭ ‬أوطاننا،‭ ‬هل‭ ‬اكتسبنا‭ ‬مناعة‭ ‬من‭ ‬بطش‭ ‬الفيروس؟‭ ‬أم‭ ‬إننا‭ ‬ألقينا‭ ‬بالرمح‭ ‬والدرع‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬جولة؟‭ ‬هل‭ ‬تماسكنا‭ ‬وتوحدنا‭ ‬ووقفنا‭ ‬متراصين،‭ ‬متكاتفين‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين؟‭ ‬أم‭ ‬إننا‭ ‬سقطنا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬نزال‭ ‬وبلمس‭ ‬الأكتاف؟

ثم‭ ‬هل‭ ‬كنا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المسئولية‭ ‬واحترزنا‭ ‬واستعنا‭ ‬بالكمامات‭ ‬الواقية‭ ‬و”الكحولات‭ ‬الشرعية”،‭ ‬والتباعد‭ ‬غير‭ ‬المأسوف‭ ‬عليه؟‭ ‬أم‭ ‬إننا‭ ‬لم‭ ‬نستمع‭ ‬للنصح‭ ‬والإرشاد،‭ ‬ولم‭ ‬نتبع‭ ‬تعاليم‭ ‬أولي‭ ‬الأمر‭ ‬منا‭ ‬وبالغنا‭ ‬في‭ ‬التردد‭ ‬والتجاوز‭ ‬والاستهتار‭ ‬بصحتنا‭ ‬وصحة‭ ‬من‭ ‬حولنا؟

بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬للجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬حق‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأحداث،‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬الجائحة‭ ‬بقلب‭ ‬ملؤه‭ ‬الإيمان‭ ‬بشعبه‭ ‬بعد‭ ‬إيمانه‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره،‭ ‬أن‭ ‬يستعين‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬وبالمحفزات‭ ‬المعتبرة‭ ‬للاقتصاد،‭ ‬والآليات‭ ‬والبرمجيات‭ ‬المشتدة‭ ‬لإعادة‭ ‬كل‭ ‬مفردات‭ ‬الوطن‭ ‬إلى‭ ‬نصابها‭ ‬الصحيح،‭ ‬كي‭ ‬يعمل،‭ ‬وينتج،‭ ‬ويتعافى‭.‬

وبالفعل‭ ‬كانت‭ ‬تجربة‭ ‬البحرين‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفحوصات‭ ‬المجانية‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬البلاد‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬فحص،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليونين‭ ‬وثلاثمئة‭ ‬ألف‭ ‬فحص‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التقريب،‭ ‬وبمعدل‭ ‬وفيات‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الـ‭ ‬350‭ ‬وفاة‭.‬

بنية‭ ‬تحتية‭ ‬تكنولوجية‭ ‬مكنت‭ ‬كل‭ ‬مفردات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بأعمالها‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقنيات‭ ‬الـ‭ ‬“أون‭ ‬لاين”،‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التباعد‭ ‬المُرقم،‭ ‬والتعاضد‭ ‬التباعدي‭ ‬المؤهل،‭ ‬والاستشراف‭ ‬المعرفي‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭.‬

لقد‭ ‬نجحت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬المقدمة،‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬التحدي‭ ‬بإرادة‭ ‬من‭ ‬حديد،‭ ‬وبإمكانات‭ ‬الزمن‭ ‬المتراكم،‭ ‬وإرادة‭ ‬الإنسان‭ ‬الواعي‭ ‬المتحضر،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬نستقبل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬بأقل‭ ‬خسائر‭ ‬ممكنة‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬مُنينا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬نستقبله‭ ‬بلقاحين‭ ‬معتبرين،‭ ‬وبوعي‭ ‬كامل‭ ‬متكامل‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬يفهم‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬الحضارة،‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬الوقاية‭ ‬خير‭ ‬ألف‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬العلاج،‭ ‬وأن‭ ‬الاستجابة‭ ‬لنداء‭ ‬أولي‭ ‬الأمر‭ ‬منا‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صون‭ ‬مكتسباتنا‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬منجزاتنا،‭ ‬والانطلاق‭ ‬مجددًا‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬تمام‭ ‬الصحة‭ ‬وكمال‭ ‬العافية‭.‬

2021‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬بلادنا‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نمتلك‭ ‬غير‭ ‬الأمل‭ ‬والدعاء‭ ‬وإنجازات‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬مضى،‭ ‬اللهم‭ ‬أعنا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يصادفنا‭ ‬من‭ ‬أيام،‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬خطانا‭ ‬من‭ ‬عثرات،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬لولاة‭ ‬أمورنا‭ ‬فيما‭ ‬يحبه‭ ‬ويرضاه،‭ ‬وفيما‭ ‬هو‭ ‬الأصلح‭ ‬لشعوبنا‭ ‬وبلادنا‭ ‬وأيامنا،‭ ‬إنك‭ ‬سميع‭ ‬مجيب‭.‬