من جديد

غادروا فحسب

| د. سمر الأبيوكي

مؤخرا‭ ‬استمعت‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭ ‬“نمثل‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬والحياة‭ ‬ماشية”،‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجبرنا‭ ‬على‭ ‬عيش‭ ‬حياة‭ ‬لا‭ ‬تشبهنا‭ ‬سوى‭ ‬التمسك‭ ‬بالأمل‭ ‬بأن‭ ‬الغد‭ ‬سيصبح‭ ‬أفضل،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الحياة‭ ‬أشبه‭ ‬بتمثيلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬الوجاهة‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬أرضاه‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬أو‭ ‬غيري،‭ ‬فمن‭ ‬قال‭ ‬إننا‭ ‬نعيش‭ ‬مسرحية‭ ‬نتقن‭ ‬أدوارها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المتابعين‭ ‬أو‭ ‬المشاهدين؟

من‭ ‬قال‭ ‬إننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نغفر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يزل‭ ‬فيها‭ ‬أحدهم‭ ‬في‭ ‬حقنا،‭ ‬ولماذا‭ ‬تفسر‭ ‬الطيبة‭ ‬والأدب‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬وداعة‭ ‬أطفال‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬استغفالها‭ ‬واستغلالها؟‭ ‬لماذا‭ ‬أصبح‭ ‬السائد‭ ‬التلون‭ ‬في‭ ‬الود‭ ‬والمشاعر‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬المصالح؟‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تواجهني‭ ‬يوميا‭ ‬عند‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬قصص‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬أعيشه‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬حياتي،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬الحياة‭ ‬باردة‭ ‬معقدة‭ ‬مع‭ ‬تبلد‭ ‬في‭ ‬المشاعر‭ ‬أو‭ ‬تزييف‭ ‬كامل‭ ‬لها‭.‬

غادروا‭ ‬فورا،‭ ‬هي‭ ‬النصيحة‭ ‬المثلى‭ ‬عندما‭ ‬تجدون‭ ‬أنفسكم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬لكم‭ ‬بصلة،‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬سامة‭ ‬متعبة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬أصدقاء‭ ‬لم‭ ‬يصبحوا‭ ‬مريحين‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬عقد‭ ‬أو‭ ‬عقدين‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬غادروا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكونوا‭ ‬قد‭ ‬أعطيتم‭ ‬جل‭ ‬ما‭ ‬تقدرون‭ ‬عليه،‭ ‬لكن‭ ‬الاستمرار‭ ‬أصبح‭ ‬مستحيلا،‭ ‬غادروا‭ ‬انتصارا‭ ‬لأمزجتكم‭ ‬وصحتكم‭ ‬النفسية‭ ‬والبدنية،‭ ‬غادروا‭ ‬ليس‭ ‬هربا،‭ ‬إنما‭ ‬وعيا‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬قدمتموه‭ ‬كان‭ ‬كافيا‭ ‬ووافيا،‭ ‬غادروا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخسروا‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والعاطفة‭ ‬والذكريات‭ ‬التي‭ ‬ستستنزف‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬منه،‭ ‬غادروا‭ ‬نصيحة‭ ‬مني‭ ‬لكم،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنهك‭ ‬القوى‭ ‬وتخور‭ ‬ويصبح‭ ‬خيار‭ ‬الرحيل‭ ‬بائسا‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬غادروا‭ ‬لأنكم‭ ‬تستحقون‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬جدران‭ ‬الخوف‭ ‬والترقب،‭ ‬غادروا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكونوا‭ ‬قد‭ ‬اتصلتم‭ ‬تماما‭ ‬بأنفسكم‭ ‬وعلمتم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تقوى‭ ‬على‭ ‬الاستمرار،‭ ‬غادروا‭ ‬لأن‭ ‬غدا‭ ‬أجمل‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬