فجر جديد

المناحسة في الرزق

| إبراهيم النهام

يشكو‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية،‭ ‬مشكلة‭ ‬تقليد‭ ‬المشروع‭ ‬وبنفس‭ ‬المكان،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬تبدأ‭ ‬فوراً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬أحدهم‭ ‬مشروعاً‭ ‬جديداً‭ ‬يحمل‭ ‬نكهة‭ ‬ربحية‭ ‬أو‭ ‬قبولا‭ ‬من‭ ‬الزبائن،‭ ‬حيث‭ ‬يتفاجأ‭ ‬بعدها‭ ‬بفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬بفتح‭ ‬مشاريع‭ ‬شبيهة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬آخرين،‭ ‬بنفس‭ ‬المنطقة‭ ‬والمكان،‭ ‬وكأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتربص‭ ‬بتحركاته‭ ‬لكي‭ ‬يفعل‭ ‬مثله‭.‬

هذا‭ ‬التقليد‭ ‬التجاري‭ ‬المُدمر،‭ ‬بات‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬المحلات‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬الشرسة،‭ ‬وبمفهوم‭ ‬يتخطى‭ ‬المنافسة‭ ‬التجارية‭ ‬لأسباب‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬الحسد،‭ ‬وعدم‭ ‬محاولة‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬للخروج‭ ‬بأفكار‭ ‬تجارية‭ ‬جديدة،‭ ‬إنما‭ ‬اختيار‭ ‬طرق‭ ‬“الشورت‭ ‬كات”‭ ‬لتحقيق‭ ‬الربح‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تعب‭ ‬غيره،‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الغريبة‭ ‬والمتكررة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تكدس‭ ‬عشرات‭ ‬المحلات‭ ‬المتشابهة‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬واحد،‭ ‬وفي‭ ‬حي‭ ‬واحد،‭ ‬وفي‭ ‬مجمع‭ ‬واحد،‭ ‬وصلت‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬لباعة‭ ‬“الحب‭ ‬والسمبل”‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬تشبعت‭ ‬بهم،‭ ‬بتباعد‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬الأمتار‭ ‬القليلة‭.‬

المناحسة‭ ‬في‭ ‬الرزق‭ ‬ظاهرة‭ ‬سيئة‭ ‬جداً،‭ ‬وتتطلب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬والتي‭ ‬تمنح‭ ‬رخص‭ ‬العمل‭ ‬لهم،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لعدد‭ ‬المحلات‭ ‬ونوعها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬وفقاً‭ ‬لعدد‭ ‬السكان،‭ ‬والحاجة‭ ‬الفعلية‭ ‬لها،‭ ‬وليس‭ ‬فتح‭ ‬الأبواب‭ ‬على‭ ‬مصاريعها‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭.‬

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬واقع‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬أكلوا‭ ‬السوق‭ ‬البحريني‭ ‬أكلاً،‭ ‬وجعلوا‭ ‬التاجر‭ ‬البحريني‭ ‬فيه‭ ‬كالغريب،‭ ‬وفاقد‭ ‬الحيلة،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬عاجزاً‭ ‬عن‭ ‬منافستهم‭ ‬بالتسويق‭ ‬والأسعار‭ ‬وحتى‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات،‭ ‬لأسباب‭ ‬تتخطى‭ ‬المنافسة‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬ابتلاع‭ ‬السوق‭ ‬نفسه،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬اشتريت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬المحلات‭ ‬المعروفة‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬مستلزمات‭ ‬الطفل‭ ‬الرضيع،‭ ‬وكانت‭ ‬لافتة‭ ‬لي‭ ‬ضخامة‭ ‬المحل‭ ‬وتنوع‭ ‬البضائع،‭ ‬وجودتها،‭ ‬وحينما‭ ‬تحدثت‭ ‬للعامل‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬بأن‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬–‭ ‬آسيوي‭ - ‬يمتلك‭ ‬عشرة‭ ‬محلات‭ ‬تبيع‭ ‬نفس‭ ‬السلع‭ ‬بأماكن‭ ‬مختلفة،‭ ‬وأنه‭ ‬يتعاون‭ ‬مع‭ ‬نظرائه‭ ‬الآخرين‭ ‬والذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التجارية‭ ‬الأخرى،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاستدانة‭ ‬وتسهيل‭ ‬المعاملة‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬وحتى‭ ‬بتبادل‭ ‬العلاقات‭ ‬والتسويق‭.‬

يحدث‭ ‬هذا،‭ ‬ونحن‭ ‬نرى‭ ‬بالمقابل‭ ‬من‭ ‬ينافس‭ ‬باعة‭ ‬“الحب‭ ‬والسمبل”‭ ‬المساكين،‭ ‬وهو‭ ‬يمتلك‭ ‬سيارة‭ ‬دفع‭ ‬رباعي‭ ‬فارهة‭ ‬جديدة،‭ ‬ويكلف‭ ‬خدامته‭ ‬بالجلوس‭ ‬على‭ ‬ناصية‭ ‬الشارع‭ ‬لتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬البيع‭ ‬حتى‭ ‬ساعات‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬اليوم‭.. ‬واقع‭ ‬مُر‭.‬