الكاظمي وتحدي سيادة الدولة في كبح المليشيات

| بدور عدنان

مازلت‭ ‬أذكر‭ ‬الخطاب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬السيد‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬إبان‭ ‬تسلمه‭ ‬رئاسة‭ ‬الوزراء،‭ ‬حيث‭ ‬تعهد‭ ‬في‭ ‬أولى‭ ‬كلماته‭ ‬مخاطباً‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬بضرورة‭ ‬حصر‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬فقط،‭ ‬التزام‭ ‬وعهد‭ ‬وضعه‭ ‬الكاظمي‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يوقن‭ ‬مدى‭ ‬صعوبته‭ ‬وربما‭ ‬استحالة‭ ‬تنفيذه،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬السلاح‭ ‬منتشر‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬العراقية‭ ‬وميليشياتها‭ ‬المسلحة،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬استبشر‭ ‬العراقيون‭ ‬بكلمات‭ ‬الكاظمي‭ ‬فمجرد‭ ‬الظفر‭ ‬بقائد‭ ‬يمتلك‭ ‬العزيمة‭ ‬والإرادة‭ ‬الصادقة‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬يعد‭ ‬مكسبا‭ ‬للعراق‭ ‬والعراقيين‭.‬

وبالفعل‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬عند‭ ‬كلمته،‭ ‬فقد‭ ‬خاض‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬أولى‭ ‬مواجهاته‭ ‬مع‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬العراقي،‭ ‬تلك‭ ‬المواجهة‭ ‬التي‭ ‬يرى‭ ‬الكثير‭ ‬أن‭ ‬الكاظمي‭ ‬خرج‭ ‬منها‭ ‬خاسراً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬اعتقالهم‭ ‬بعد‭ ‬تهديدات‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬شخصياً‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬إقدام‭ ‬الكاظمي‭ ‬على‭ ‬خطوة‭ ‬كهذه‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭ ‬يعد‭ ‬فوزاً،‭ ‬فليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يصعد‭ ‬منذ‭ ‬العملية‭ ‬الأولى،‭ ‬فهو‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬بذلك‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يجر‭ ‬العراق‭ ‬لحرب‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬حينها،‭ ‬لكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬فإن‭ ‬الكاظمي‭ ‬وفق‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬رسالته‭ ‬التي‭ ‬أوضح‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬منأى‭ ‬عن‭ ‬يد‭ ‬القانون‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تطال‭ ‬أي‭ ‬عابث‭ ‬بأمن‭ ‬العراق‭.‬

اليوم‭ ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬جريئة‭ ‬من‭ ‬الكاظمي‭ ‬قبيل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬ذكرى‭ ‬اغتيال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬اعتقلت‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬متهمين‭ ‬من‭ ‬عصائب‭ ‬أهل‭ ‬الحق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدت‭ ‬التحقيقات‭ ‬لضلوعهم‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬مجدداً‭ ‬الكاظمي‭ ‬يبعث‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬لتصفية‭ ‬الحساب‭ ‬والانتقام‭ ‬لمقتل‭ ‬سليماني‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬العراقية‭ ‬لن‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكاظمي‭ ‬استخدم‭ ‬أسلوب‭ ‬الترهيب‭ ‬بالإضافة‭ ‬لأدوات‭ ‬القوة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬قام‭ ‬بإيفاد‭ ‬مبعوثه‭ ‬لطهران‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬سياسية‭  ‬يراد‭ ‬منها‭ ‬التهدئة‭ ‬والتفاوض‭ ‬معها‭ ‬وهي‭ ‬الداعم‭ ‬الأول‭ ‬والمحرك‭ ‬للمليشيات‭ ‬العراقية‭.‬