بايدن بالنسبة لنظام الملالي... ماء أم سراب (2)

| حسين داعي الإسلام

دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تثار‭ ‬نظرية‭ ‬ضرورة‭ ‬مشاركة‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬المقبل‭ ‬وأن‭ ‬تؤخذ‭ ‬وجهات‭ ‬نظرها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬حيث‭ ‬كتبت‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست‭ ‬“يجب‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬دبلوماسيتنا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬اليمن،‭ ‬ويجب‭ ‬ألا‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬مجرد‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني”‭.‬

إن‭ ‬بايدن‭ ‬يتعامل‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬ليست‭ ‬لها‭ ‬سلطة‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬والكلمة‭ ‬الأولى‭ ‬والأخيرة‭ ‬لخامنئي،‭ ‬وقد‭ ‬صرح‭ ‬خامنئي‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬أنه‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬ورفع‭ ‬العقوبات،‭ ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬استعداد‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬للخضوع‭ ‬لمطالب‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬المفاوضة،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأنه‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التفاوض‭ ‬يعد‭ ‬استسلامًا،‭ ‬والاستسلام‭ ‬يعني‭ ‬تدهور‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬بلا‭ ‬نهاية‭ ‬حتى‭ ‬الإطاحة‭.‬

وتحت‭ ‬وطأة‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬يعاني‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ويمكن‭ ‬لبايدن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الامتيازات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الفاشي،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنًا‭ ‬باهظًا‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬وحساب‭ ‬بلاده،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬سبب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬بايدن‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تنازلات‭ ‬يحددها‭ ‬هو‭ ‬ستكلفه‭ ‬غاليًا،‭ ‬لأن‭ ‬ترامب‭ ‬كان‭ ‬يتحرك‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬والممثلين‭ ‬الأميركيين،‭ ‬وكانت‭ ‬مهمته‭ ‬بسيطة‭ ‬وحظيت‭ ‬باستحسان‭ ‬الجميع،‭ ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬يسبح‭ ‬ضد‭ ‬التيار‭.‬

ويواجه‭ ‬بايدن‭ ‬صراعاته‭ ‬الخاصة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حكمه،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات‭ ‬الحافلة‭ ‬بالتوتر‭ ‬والاستفزازات‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أية‭ ‬تنازلات‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع؛‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬بايدن،‭ ‬حيث‭ ‬كتبت‭ ‬مؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬“لا‭ ‬داعي‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬أزمة‭ ‬مرهقة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يصارع‭ ‬فيه‭ ‬الشعب‭ ‬الأميركي‭ ‬تحديات‭ ‬مروعة‭ ‬بدءًا‭ ‬بالاعتلالات‭ ‬المتبقية‭ ‬بسبب‭ ‬مرض‭ ‬كوفيد‭ - ‬19‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬العرقية‭ ‬والتغييرات‭ ‬المناخية‭ ‬والمنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين”‭.‬

إن‭ ‬بايدن‭ ‬بعد‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬سواء‭ ‬شاء‭ ‬أم‭ ‬أبى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أوباما‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأميركا‭ ‬أو‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنظام‭ ‬الملالي،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬مساعدًا‭ ‬لأوباما‭ ‬ففي‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الماضية‭ ‬تغيرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ ‬وأصبحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬حول‭ ‬أداء‭ ‬وطبيعة‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬واضحة‭ ‬كالشمس‭ ‬بالنسبة‭ ‬للغرب‭. ‬“مجاهدين”‭.‬