ياسمينيات

من لـ “علياء”؟

| ياسمين خلف

بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬رعايتها‭ ‬لثلاثة‭ ‬من‭ ‬أبنائها‭ ‬المعاقين،‭ ‬ها‭ ‬هي‭ ‬أم‭ ‬علياء‭ ‬تناشد‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬لتحصل‭ ‬ابنتها‭ ‬علياء‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬والمأوى‭ ‬الذي‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬حالتها‭ ‬الصحية‭ ‬والعقلية،‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يختطفها‭ ‬الموت‭ ‬فجأة‭ ‬فلا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يتولى‭ ‬رعايتها‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬الرعاية‭ ‬الشخصية‭ ‬لنفسها،‭ ‬فوالدتها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تلبسها‭ ‬وتحممها‭ ‬وتطعمها‭ ‬وتتولى‭ ‬كامل‭ ‬شؤون‭ ‬حياتها‭.‬

شاء‭ ‬الله‭ ‬لأم‭ ‬علياء‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أماً‭ ‬لأبناء‭ ‬معاقين‭ ‬ذهنياً،‭ ‬فلم‭ ‬تكل‭ ‬وتتذمر‭ ‬واحتسبت‭ ‬أجرها‭ ‬عند‭ ‬الله،‭ ‬وكان‭ ‬زوجها‭ ‬خير‭ ‬معين‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تهد‭ ‬الجبال‭ ‬من‭ ‬ثقلها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أخذ‭ ‬الأبناء‭ ‬يكبرون‭ ‬وتزداد‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬صعوبة،‭ ‬طالبت‭ ‬بحق‭ ‬أبنائها‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬وحصلت‭ ‬عليها‭ ‬بعد‭ ‬جهد‭ ‬جهيد‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة،‭ ‬لكن‭ ‬للذكور‭ ‬منهم‭ ‬فقط‭! ‬وبقيت‭ ‬علياء‭ ‬تحت‭ ‬كنفها‭ ‬ورعايتها‭.‬

زوجها،‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬بدأت‭ ‬تتدهور‭ ‬صحته،‭ ‬وأصيب‭ ‬بالفشل‭ ‬الكلوي‭ ‬وداء‭ ‬السكري‭ ‬فبترت‭ ‬رجله‭ ‬اليسرى،‭ ‬وأصابع‭ ‬رجله‭ ‬اليمنى،‭ ‬وبقي‭ ‬عاجزاً‭ ‬على‭ ‬كرسيه‭ ‬المتحرك،‭ ‬بل‭ ‬وأضيفت‭ ‬مسؤولية‭ ‬رعايته‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬مسؤوليات‭ ‬أم‭ ‬علياء،‭ ‬التي‭ ‬تكالبت‭ ‬عليها‭ ‬الأمراض‭ ‬من‭ ‬سكري‭ ‬وضغط‭ ‬وكوليسترول‭ ‬وقصور‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬يجعلها‭ ‬تنسى‭ ‬أين‭ ‬هي؟‭ ‬ومن‭ ‬تكون‭ ‬ابنتها؟‭ ‬بل‭ ‬وتعاني‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬التشنجات‭ ‬والصرع،‭ ‬ورغم‭ ‬حاجتها‭ ‬لعملية‭ ‬ديسك‭ ‬في‭ ‬الظهر‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬عليها،‭ ‬لحاجتها‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬نقاهة‭ ‬بعد‭ ‬العملية،‭ ‬وكيف‭ ‬سترتاح‭ ‬ووراءها‭ ‬مسؤولية‭ ‬رعاية‭ ‬ابنتها‭ ‬وزوجها؟

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬قبل‭ ‬أسبوع‭ ‬فقدت‭ ‬أم‭ ‬علياء‭ ‬أحد‭ ‬أبنائها‭ ‬بوفاته‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الرعاية،‭ ‬ودخل‭ ‬زوجها‭ ‬قسم‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬فاجعتين‭ ‬في‭ ‬يومين‭ ‬متتاليين،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬قواها‭ ‬تخر‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭. ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬مطالبة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬دينار‭ ‬كلفة‭ ‬بقاء‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬بعدما‭ ‬نقل‭ ‬إليه‭ ‬عبر‭ ‬سيارة‭ ‬الإسعاف‭ ‬بعدما‭ ‬أغمي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المنزل‭.‬

علياء‭ ‬ذات‭ ‬الـ‭ ‬32‭ ‬عاماً‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬صحية‭ ‬ومأوى‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الطب‭ ‬النفسي،‭ ‬فوالدتها‭ ‬الخمسينية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تقوى‭ ‬على‭ ‬رعايتها،‭ ‬فمن‭ ‬لـ‭ ‬“علياء”؟‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

من‭ ‬حق‭ ‬علياء‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مأوى‭ ‬ورعاية‭ ‬صحية‭ ‬كما‭ ‬كفل‭ ‬لها‭ ‬الدستور‭.‬